تقوم على افتراض أصل منها وفرع، وهو رأي فطن إليه السيوطي حين قال1: "قالت طائفة من النظار الكلمة كله أصل". والقدر المشترك بين الكلمات المترابطة: من الناحية اللفظية واضح كل الوضوح؛ ذلك هو الحروف الأصلية الثلاثة، فأنت إذا نظرت إلى "ضرب" و"ضارب" و"مضروب" و"مضرب" و"مضارب"، و"ضَرْب"، وما تفرع من ذلك، رأيت أنها جميعا تشترك في "ض ر ب"، وتتفرع منها، فطن إلى ذلك المعجميون، ولم يفطن إليه الصرفيون، فهذه الحروف الثلاثة الصحيحة جذور اللغة العربية، التي تتفرع منها الكلمات، ولست أحب أن أدعي أنها جذور اللغات السامية جميعًا، وتشترك فيها، وتتخصص كل منها بوضع المعنى المناسب للصيغة، حتى إن بعض دارسي اللغات السامية، يدرسون المادة بعينها دراسة مقارنة في هذه اللغات جميعا، ويضعون معاجمهم بهذه الطريقة2.

وكلمات اللغة جميعًا مشتقة بهذا الاعتبار، "وقالت طائفة من المتأخرين اللغويين كل الكلم مشتق، ونسب ذلك إلى سيبويه، والزجاج"3، فما دام لكل كلمة من كلمات العربية مادة تصاغ منها، فلها اشتقاق منسوب إلى هذه المادة.

ولا يبقى في الصرف ما يسميه الصرفيون الاسم الجامد، فيجب أن يبنوا التقسيم إلى جامد ومشتق، إذًَا على أساس جديد، وليس اشتقاق ما يسمونه بالجامد من نوع الاشتقاق الذي يحاوله بعض اللغويين تعليلا لأسماء الأعلام والأجناس، "قال أبو عبد الله محمد بن المعلى الأزدي في كتاب الترقيص: حدثني هارون بن زكريا، عن البلعي عن أبي حاتم، قال: سألت الأصمعي لم سميت منى منى؟، قال: لا أدري، فلقيت أبا عبيدة فسألته، فقال: لم أكن مع آدم حين علمه

الأسماء، فأسأله عن اشتقاق الأسماء، فأتيت أبا زيد فسألته، فقال: سميت منى لما يمنى فيها من الدماء"4، ومن قال: إن رمضان مشتق من الرمضاء، وأن قضاعة مشتق من انقضع الرجل عن أهله أي بعد عنهم، أو تقضع بطنه إذا أوجعه، وأن اليمن مشتق من اليمن، والشام من الشؤم أو التشاؤم، وأن الخيل من الخيلاء، فإنه يعلل التسمية ولا يعقد صلة اشتقاقية صرفية، فإذا علمنا أن الأسماء لا تعلل، وضح لنا أن الذين جاءوا بهذه التعليلات، قد أضاعوا أوقاتهم، ولم يأتو بشيء ذي خطر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015