العامل1، ولكن المصريين لم يكونوا أبعد في جدلهم عن هذه المثالب، فقد ذهبوا: "إلى أن الفعل مشتق من المصدر وفرع عليه"2، واحتجوا بحجج منها أن الدليل على أن المصدر أصل للفعل، وأن المصدر يدل على زمان مطلق، والفعل يدل على زمان معين، والمطلق أصل المقيد، فالمصدر أصل الفعل، ومنها أن المصدر اسم، والاسم يقوم بنفسه، ويستغني عن الفعل، ولا عكس، ومنها أن المصدر يدل على الحدث، ولكن الفعل يدل عليه وعلى الزمان، والواحد أصل الاثنين، فالمصدر أصل الفعل، ومنها أن المصدر له مثال واحد، والفعل له أمثلة مختلفة، كما أن الذهب نوع واحد، وما تفرع منه أنواع مختلفة، ومنها أن الفعل بصيغته يدل على ما يدل عليه المصدر، وهو الحدث، ولكن المصدر لا يدل على ما يدل عليه الفعل، ولا بد أن يكون الأصل في الفرع لا العكس، ومنها أنه

لو كان المصدر مشتقا من الفعل، لجرى على سنن في القياس، ولم يختلف شكله، ولكنه لا يجري على ذلك، بل يختلف كاختلاف الأجناس مثل "الرجل"، "والثوب"، والتراب، ومنها أنه لو كان المصدر مشتقا من الفعل، لوجب أن يدل على ما في الفعل من الحدث والزمان، وعلى معنى ثالث، كما دلت أسماء الفاعلين، والمفعولين عليهما، وعلى ذات الفاعل أو المفعول به. ومنها

أن الدليل على أن المصدر ليس مشتقا، أن الهمزة لا تحذف منه، في نحو "إكرام"، كما تحذف من المشتق نحو مكرم، ومنها أن اسم المصدر يدل على صدور ما عداه عنه.

والنظرة الفاحصة تكشف عن مبلغ تضارب هذه الحجج في منطقها، حتى لو قيل: إن صاحب كل حجة منها غير قائل الحجة الأخرى؛ لأن هذا لا ينفي أن هذه الحجج، قد جاءت بها مدرسة البصرة المدافعة عن نظرية موحدة، فهذه الحجج تكشف عن عدم الوحدة في فلسفة النظرية البصرية، فالمصدر في نظرهم اسم حينا، ودال على الزمان حينا، واسم دال على الزمان حينا آخر ودال على الحدث

طور بواسطة نورين ميديا © 2015