قال: وقال أبو نعيم: وفي قول رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «لا تسّبوا قريشاً؛ فإنّ عالمها ملأ الأرض علماً، ويملأ طبق الأرض علماً» - علامةٌ بَيِّنةٌ، إذا تأملها الناظر الفائق المُميِّزُ علم (?) أنّ المراد بذلك رجل من علماء هذه الأمة من قريش، قد ظهر علمُه فانتشر في البلاد، وكتب كتبه وتآليفه كما تكتب المصاحف، ودَرَسَتْها المشايخ، والشبان، والأحداث، في مجالسهم وكتاتيبهم، وصيروها كالإمام، واستظهروا أقاويله، وأجْرَوْها في مجالس الحكّام، والأمراء، والقراء، وأهل الآثار، وغيرهم. وهذه صفةٌ لا نعلمها قد أحاطت بأحدٍ إلا بالشافعي (2 رحمه الله ¬2): محمد بن إدريس، القرشي؛ إذ (?) كان كلُّ واحدٍ من قريش من علماء الصحابة والتابعين ومن بعدهم وإن كان علمه (?) قد ظهر وانتشر - فإنه لم يبلغ مبلغاً يقع تأويل هذه الرواية عليه، إذ كان لكل واحد منهم نُتفٌ وقطع من العلم وَمَسْألات (?) في الجزء منه: خمس أو عشر أو واحد (?)، وسائر ذلك لغيره من الصحابة والتابعين، فهم قد اشتركوا (?) في الفتيا اشتراكا لا يبين أن أحدا منهم (?) قد ملأ الأرض بعلمه، ولا له فضل علم على علم غيره من أشكاله حتى يظهر هذا التأويل عليه، ولا يتبَيّن في شيء من علومهم أنّ واحداً (?) منهم (?) قد مَلأ الأرضَ علماً وملأَ طبَقَ الأرض بعلمه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015