فمنعت، ووقفت حيث الخادم واقف، وجلس ابن أبي دؤاد في مجلسك يا فتح، وجلس محمد بن عبد الملك بن الزيات في مجلسك يا عبيد الله، وجلس إسحاق ابن إبراهيم في مجلسك يا بغا، وجلس نجاح في مجلسك يا وصيف، إذ قال الواثق: والله لقد فكرت فيما دعوت الناس إليه من أن القرآن مخلوق، وسرعة إجابة من أجابنا، وشدة خلاف من خالفنا، حتى حملنا من خالفنا على السوط والسيف والضرب الشديد والحبس الطويل، ولا يردعه ذلك ولا يرده إلى قولنا، فوجدت من أجابنا رغب فيما في أيدينا، فأسرع إلى إجابتنا رغبة منه فيما عندنا، ووجدت من خالفنا منعه دين وورع عن إجابتنا، وصبر على ما يناله من القتل والضرب والحبس، فوالله لقد دخل قلبي من ذلك أمر شككت فيما نحن فيه، وفي محنة من نمتحنه، وعذاب من نعذبه في ذلك، حتى هممت بترك ذاك، والكلام والخوض فيه، ولقد هممت أن آمر بالنداء في ذلك وأكف الناس بعضهم عن بعض، فبدأ ابن أبي دؤاد، فقال: الله الله يا أمير المؤمنين! أن تميت سنة قد أحييتها، وأن تبطل ديناً قد أقمته، ولقد جهد الأسلاف فما بلغوا فيه ما بلغت، فجزاك الله عن الإسلام والدين خير ما جزى ولياً عن أوليائه. ثم أطرقوا رءوسهم ساعة يفكرون في ذلك، إذ بدأ ابن أبي دؤاد- وخاف أن يكون من الواثق في ذلك أمر ينقض عليه قوله، ويفسد عليه مذهبه- فقال: والله يا أمير المؤمنين، إن هذا القول الذي نحن عليه ندعو إليه الناس لهو الدين الذي ارتضاه الله لأنبيائه ورسله، وبعث به نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم، ولكن الناس عموا عن قبوله. فقال الواثق: فإني أريد أن تباهلوني على ذلك؛ فقال ابن أبي دؤاد: ضربه الله بالفالج في دار الدنيا قبل الآخرة، إن لم يكن ما يقول أمير المؤمنين حقاً من أن