ضالٌ ولا مُضل، ولا زائغ عن هدي ولا مائل إلى هوى، لم يُرهبه وعيد إلى أن نقله الله عز وجل إلى جواره، فلمثل ما صار إليه من كَرامة الله فليعمل العامِلون، وعلى أنّ المصيبة به قد مضَّت وأرمَضت وأبلغت من القلوب، وأنا أعزيك وعامة المسلمين ممن يقرأ كتابنا هذا بما أمر الله به تَنجُّزاً لما وعد من صلواته ورحمته وهداه، لمن احتسب وصبر وسلَّم ورضي بحكم الله النافذ على جميع خلقه، فقد مضى على أحسن حالاته وأحسن قصده وهَديه، ثابتاً على حَزمه وعزمه، أرادته الدنيا ولم يُردها، ولم تأخذه في الله لومَة لائم، فقد كَلم وثَلم في الإسلام فَقدُه، وأنا أسأل الله الذي يجود بالجزل، ويعطي الكثير، أن يُصلي على مُحمد عبده ورسوله، وأن يُعطي أبا عبد الله أفضل ما أعطى أحداً من أوليائه الذين خلقهم لطاعته، وأن يُعلي درجته، ويَرفع ركنه، ويجعل مجلسه مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وحَسُنَ أولئك رَفيقاً، وأن يهب لك صبراً يُبلغك ما وعد الصابرين، ويَقيناً يوجب لكَ ثواب المحسنين فإنه ولي النّعم، وبيده الخير، وهو على كُل شيءٍ قدير.
أخبرنا إسماعيل بن أحمد، ومحمد بن عبد الباقي، قالا: أخبرنا حَمْد بن أحمد، قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله الحافظ، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن أبان، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن إبراهيم الصوفي، قال: قالَ لي رجل من أهل العلم - وكان خيراً فاضلاً يُكنى بأبي جعفر - في العَشية التي دَفنّا فيها أبا عبد الله: تَدري من دفنّا اليوم؟ قلتُ: من؟ قال: سادِس خمسة، قلتُ: من؟ قال: أبو بكر الصديق، وعُمر بن الخطاب، وعُمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب، وعُمر بن عبد العزيز، وأحمدُ بن حنبل. قال: فاستحسنتُ ذلك منه، وعني بذل أن كلّ واحدٍ في زمانه.