قفوا هاهنا، ثم وجَّه إلى المتوكل يُعلمه بمصيرنا، فدخلنا العَسكر وأبي مُنكَّسُ الرأس، ثم جاءَ وَصيفٌ يُريدُ الدار، فلما نظر إلى الناس وجمعهم، قال: ما هؤلاء؟ قالوا: هذا أحمد بن حنبل، فوجه إليه بعد ما جاز بيَحيى بن هَرْثَمة، فقال: يُقرئك الأميرُ السلام، وقول: الحمدُ لله الذي لم يشمّتْ بكَ أهلَ البدع، قد علمتَ ما كان حال ابن أبي دُؤاد، فينبغي أن تتكلّم بما يحب الله عز وجل، ثم أنزل دار إيتاخ، فجاءَ علي بن الجَهم، فقال: قد أمر لكم أمير المؤمنين بعشرة آلافٍ مكانَ التي فرقها، وأمر أن لا يُعلم بذلك فَيغتمّ، ثم جاءَه أحمد بن مُعاوية، فقال: إن أمير المؤمنين يُكثر ذكرك، ويَشتهي قُربك، وتُقيم هاهنا تُحدِّث. فقال: أنا ضَعيف، ثم وضع أصبعه على بَعض أسنانه، فقال: إن بَعض أسناني يَتحرك، وما أخبرت بذلك ولدى، ثم وجَّه إليه: ما تَقول في بَهيمتين انتَطحتا فعقَرت أحداهما الأخرى، فسقطت فذُبحت؟ فقال: إن كانَ طرف بَعينه، ومَصع بذَنبه، وسال دمه؛ يؤكل.
ثم صار إليه يحيى بن خاقان، فقال: يا أبا عبد الله، قد أمرني أمير المؤمنين أن أصير إليك لتركبَ إلى أبي عبد الله وَلده، وأمرني أن أقطع لكَ سواداً