رأسي فوق البيت، فلما كان السَّحر إذا ينادي: يا صالح، فقمتُ فصعدتُ إليه، فقال: ما نمتُ ليلتي هذه، فقلت: لمَ يا أبَة؟ فجعل يبكي، وقال: سلمتُ من هؤلاءِ حتى إذا اكن في آخر عُمري بُليتُ بهم، قد عزمتُ على أن أفرّق هذا الشيء إذا أصبحتُ، فقلت: ذلك إليكَ، فلما أصبحَ جاءَه الحسنُ البزّاز والمشايخ، فقال: جئني يا صالح بميزان؛ فقال: وجِّهوا إلى أبناءِ المهاجرين والأنصار، ثم قال: وَجِّه إلى فُلان حتى يُفرق في ناحيته، وإلى فلان. فلم يزل حتى فَرقها كلّها ونفضتُ الكيسَ، ونحنُ في حالة الله تعالى بها عليم. فجاءَ بُني لي فقال: أعطني يا أبة دِرهماً، فنظر إليَّ فأخرجتُ قِطعة أعطيته، وكتب صاحب البريد أنه قد تصدّق بالدراهم من يَومه حتى تَصدق بالكيس.
قال علي بن الجَهم: فقلتُ له: يا أميرَ المؤمنين، قد [تصدق بها و] علم الناس أنه قد قبل منك، وما يَصنع أحمد بالمال؟ وإنما قُوته رغيفُ، قال: فقال لي: صَدقتَ يا علي.
قال صالح: ثم أخرجنا ليلاً معنا حراس معهم النفَّاطات، فلما أضاءَ الفجر، قال لي: يا صالح، أمعك دراهم؟ قلت: نعم. قال: أعطهم، فأعطيتهم دِرهماً درهماً. فلما صرنا إلى الحنّاطين، قال يعَقوب: