ثم قال: يا عبد الرحمن بن إسحاق, ألم آمُرْك أن تَرفع المحنة؟ قال أبى: فقلتُ الله أكبر, إنَّ فى هذا لَفَرجًا للمسلمين, ثم قال لهم - يعنى المعتصم -: ناظروه, كَلّموه, ثم قال: يا عبد الرحمن, كلَّمه. فقال لى عبدُ الرحمن: ما تقولُ فى القُرآن؟ قلت له: ما تقولُ فى عِلم الله عز وجل؟ فسكتَ, فقال لى بعضهم: أليسَ قال الله عز وجل: (اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ) والقرآن أليسَ هو شيئًا؟ قال أبى: فقلتُ: قال الله عز وجل: (تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا) فدَّمرت إلا ما أراد الله عزّ وجل؟ وقال بعضهم: قال الله عز وجل: (مَا يَاتِيهِم مِّن ذِكْرٍ مَّن رَّبِّهِم مُّحْدَثٍ) أفيكونُ محدثٌ إلا مخلوقًا؟ قال أبى: فقلت له: قال الله عز وجل: (ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ) والذِّكر هو القُرآن, وَتِلكَ ليس فيها ألفٌ ولا لام.
قال أبى: وذُكر بعضهم حديث عِمران بن حُصين: إن الله عزَّ وجل خَلقَ الذِّكر, فقلتُ: هذا خَطأ؛ حدَّثنا غيرُ واحد: (إن الله عزَّ وجلَّ كَتبَ الذَّكر) , واحتجوا علىَّ بحديث ابن مسعود: (ما خَلق الله عزَّ وجلَّ من جَنةٍ