ألقاني عند الدَّير, فنظر الرهبان إلى حالي مع السبع, فأسلموا كلُهم, وهم أربع مئة راهب, ثم قال أبو إبراهيم لأبي: حدّثني يا أبا عبد الله, فقال له: إني كنتُ قبل الحج بخَمس ليال - أو أربع ليال - فبينما أنا نائم, إذ رأيت النبي صلى الله عليه وسلم, فقال لي: يا أحمد, حُجّ, فانتبهتُ, وكان من شأني إذا أردتُ سفرًا جعلتُ في مِزْوَدٍ لي فتيتًا, ففعلت ذلك, فلما أصبحتُ قصدت نحو الكوفة, فلما تَقضّى بعض النهار, إذا أنا بالكوفة, فدخلتُ مسجد الجامع, فإذا أنا بشاب حَسن الوجه, طيب الريح, فقلتُ: سلامٌ عليكم, ثم كبَّرت أُصلي, فلما فَرغتُ من صَلاتي قلت له: رحمك الله. هل بَقي أَحدٌ يخرج إلى الحج؟ فقال: انتظر حتى يَجيئ أخ من إخواننا, فإذا أنا برجل في مثل حالي, فلم نَزل نسير, فقال له الذي معي: رحمك الله, إن رأيت أَن ترفق بنا؟ فقال له الشاب: إن كان معنا أحمد بن حنبل فسوف يُرفق بنا, قال أبو عبد الله: فَوقع في نفسي أنه الخَضر, فقلت للذي معي: هل لكَ في الطعام؟ فقال لي: كُل مما تَعرف, وآكل مما أعرف. وإذا أصبنا من الطعام غابَ الشاب من بين أيدينا, ثم يَرجع بعد فَراغنا, فلما كان بعد ثلاث إذا نحن بمكة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015