الباب الخامس والخمسون
في ذكر إيثاره خُمول الذّكر واجتهاده في ستر الحال
أخبرنا محمد بن أبي منصور, قال: أخبرنا عبد القادر بن محمد, قال: أخبرنا إبراهيم بن عمر البرمكي, قال: أخبرنا علي بن مردك, قال: حدثنا عبد الرحمن بن أبي حاتم, قال: حدثنا أبي, قال: حدثنا أحمد بن أبي الحواري, قال: حدثني عُبيد القارئ, قال: دخل عَمُّ أحمد بن حنبل على أحمد بن حنبل ويده تحت خده, فقال له: با ابن أخي, أيّ شيءٍ هذا الغم؟ أيّ شيءٍ هذا الحزن؟ فرفع أحمد رأسه, فقال: يا عم, طُوبى لمن أخمل الله عزّ وجلّ ذِكره.
قال ابن أبي حاتم, وسمعت أبي, يقول: كان أحمد بن حنبل إذا رأيته تعلم أنه لا يُظهر النسك, رأيت عليه نعلًا لا يشبه نعل القرّاء, له رأسٌ كبير مُعقفٌ, وشراكه مُسبل, كأنه اشترى له من السوق, ورأيتُ عليه إزارًا, وجُبة بُردٍ مُخطّطة أسمان جون, قال عبد الرحمن: أراد بهذا - والله أعلم - ترك التزّيي بزِيّ القرّاء, وإزالته عن نفسه ما يشتهر به.