الباب السّادِس والعشرون
في ذكر بذله للعلم واحتسابه في ذلك
أخبرنا عبد الملك بن أبي القاسم، قال: حدثنا عبد الله بن محمد الأنصاري، قال: حدثنا أبو يعقوب الحافظ، قال: حدثنا أبو علي بن أبي بكر المروذي، قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن الحسن بن علي البخاري، قال: سمعتُ محمد بن إبراهيم البُوشَنْجي، قال: رأيتُ أحمد بن حنبل وهو يملي علينا، فسأله رجل من أهل مَرْوَ - يكنى أبا يعقوب - عن حديث، فأمر ابنه عبد الله وقال له: أخرج إليّ كتاب الفوائد، فأخرجه؛ فجعل يطلبه فلم يجد الحديث؛ فقام بنفسه ونزل عن ظهر مسجده، ودخل منزله فلم يلبث كثير لبث حتى عاد إلينا وعلى يده عدد أجزاء من الكتب، فقعد يطلب فيها الحديث فطال عليه، فقال له السائل: قد تعبت يا أبا عبد الله، فدعه، فقال: لا، الحاجة لنا. فرأينا أنه دخل البيت فنظر إلى كل جزءٍ يتوهم ذلك الحديث فيه، فأخرج تلك الأجزاء لئلا يرى أنه قد استثقله وكره أن يحتبس في المنزل لطلب ذلك الحديث. وبِحَسبك هذا كَرم مُجالسة.
أخبرنا محمد بن أبي منصور، قال: أخبرنا عبد القادر بن محمد بن يوسف، قال: أخبرنا إبراهيم بن عمر البَرْمَكي، قال: أخبرنا علي بن عبد العزيز بن مَرْدَك، قال: حدثنا أبو محمد بن أبي حاتم الرازي، قال: سمعتُ أبي يقول: أتيتُ أحمد بن حنبل في أول ما التقيت به في سنة ثلاث عشرة ومئتين، وإذا قد أخرج معه إلى الصلاة كتاب "الأشربة" وكتاب "الإيمان" فصلى فلم يسأله أحد، فرده إلى بيته، واتيته يوماً آخر فإذا قد أخرج الكتأبين، فظننت