البابُ التاسِع عشر
في ذكر تَنويه ذكره
قد ذكرنا في مَنْشَئه أَنه كان مرتفع الذكر من زمن الصِّبا.
وأَخبرنا محمد بن أَبي منصور، قال: أنبأنا عبد القادر بن محمد، قال: أَنبأَنا إِبراهيم بن عمر، قال: أَنبأَنا عبد العزيز بن جعفر، قال: حدثنا أَبو بكر أَحمد بن محمد بن هارون الخَلّال، قال: أخبرنا أَبو بَكر المَرُّوذِي، قال: قلتُ لأَبي عبد الله: ما أَكثر الداعي لك! قال: أَخافُ أَن يكون هذا استدراجاً، بأَي شيءٍ هذا؟ وقلتُ لأَبي عبد الله: إِنَّ رجلاً قدم من طَرَسُوس فقال لي: إِنا كنَّا في بلاد الروم في الغزو إِذا هَدأَ الليلُ رَفعوا أَصواتهم بالدعاءِ: ادعوا الله لأَبي عَبد الله، وكنا نمد المِنجَنيق ونَرمي عنه، ولقد رُمي عنه بحجر والعِلْج على الحِصن مُتترس بدَرقة، فذهب براسه وبالدَّرَقة، فتغيَّر وَجهه، وقال: ليتَه لا يكون استدراجاً؛ ثم قال: تَرى هذا استدراجاً؟ قلت له: كَلا.
قال الخلال: وحدثنا أَحمد بن علي الأَبّار، قال: سرنا في نهر بَلْخ أَياماً وفَني زادنا، فخرجت إِلى نحو بُخَارَى أَشتري طعاماً، فإِذا رجل أَشقر أَحمر فقال: يا فتيان، من أَين أَنتم؟ قلنا: من أَهل بغداد، قال: فما فعل أَحمد بن حنبل؟ قلنا: تَركناه في الحياة، فرفع رأسه يقول: اللهم- يدعو له- فقلت