من فقهاءِ الأَمصار كعِلْم أَحمد بن حنبل، لأَنه كان أَجمع لها وأَبصر بمتقنيهم وغالطيهم وصدوقهم وكذوبهم منه. ولقد بلغني عن بشر بن الحارث أَنه قال: قامَ أَحمدُ مقام الأَنبياءِ، وأَحمد عندنا امتُحن بالسرّاءِ والضرَّاء، وتَداوله أَربعة خلفاء، بعضهم بالضراءِ، وبعضهم بالسراءِ، فكان فيها مستعصماً بالله عز وجل. تداوله المأمون والمعتصم والواثق، بَعضهم بالضرب والحبس، وبعضهم بالإِخافة والتَّرهيب، فما كان في هذه الحال إِلَّا سليم الدين غير تارك له من أَجل ضَربٍ ولا حبسٍ. ثم امتحن أَيام المتوكل بالتكريم والتَّعظيم، وبُسطت الدنيا عليه فما رَكن إِليها، ولا انتقل عن حالته الأُولى رغبةً في الدنيا ولا رغبةً في الذكر، فهذه الحالات لم يمتحن بمثلها سُفيان. ولقد حُكي لنا عن المتوكل أَنه قال: إِنَّ أَحمد ليمنعنا من برِّ ولده.
حَجّاج بن الشاعر
أَخبرنا إسماعيل بن أَحمد، ومحمد بن عبد الباقي، قالا: أخبرنا حَمْد بن أَحمد، قال: حدثنا أَبو نُعَيْم الحافظ، قال: حدثنا أَبي. وأَخبرنا عبد الملك، قال: أخبرنا عبد الله بن محمد الأَنصاري، قال: أخبرنا أَبو يعقوب، قال: أخبرنا أَحمد بن عبد الواحد الشيرازي، قال: حدثنا أَبو عمر عبد الله بن محمد ابن عبد الوهاب المقرئ، قال: حدثنا أَبو الحسن أَحمد بن محمد بن عمر، قال: حدثنا أَبو عُمارة، قال: حدثنا أَبو يحيى النّاقد، قال: سمعتُ حجاج بن الشاعر، يقول: ما كنتُ أحب أَن أُقتل في سَبيل الله ولم أُصلِّ على أَحمد بن حنبل.