بالبيت؛ فرفعتْ رأسها إلى السماء وقالت: سبحانك ما أعظم مشيئتك في خلقك، خلْقٌ كالأحجار يطوفون بالأحجار!. ثم أنشأتْ تقول:
يطوفونَ بالأحجارِ يَبْغونَ قُرْبةً ... إليكَ وهُمْ أقسى قلوباً مِنَ الصَّخْرِ
وتاهوا فلمْ يدْروا مِنَ التِّيهِ مَنْ هُمُ ... وخلُّوا محلّ القُربِ في باطنِ الفكْرِ
فلَوْ أخلصوا في الوُدِّ غابَتْ صِفاتهم ... وقامتْ صِفاتُ الوُدِّ للحقِّ بالذِّكر
قال الجنيد: فغُشي عليّ من قولها!، فلما أفقتُ لم أرَها) انتهى (?).
وقال سَري السقطي - رحمه الله -: (بَدَوْتُ (?) يوماً من الأيام وأنا حَدَث، فطاب وقتي وجُنّ علي الليل وأنا بفناء جبل لا أنيس به، فناداني منادٍ من جوف الجبل: لا تدور القلوب في الغيوب حتى تذوب النفوس من مخافة فَوْت المحبوب!؛ قال: فتعجبت، وقلت: جِنى يناديني أم إنسي؟!؛ قال: بل جني مؤمن بالله عز وجل ومعي إخواني؛ قال: قلت: فهل عندهم ما عندك؟!، قال: نعم وزيادة؛ قال: فناداني الثاني منهم: لا تذهب من البدن الفتْرة إلا بدوَام الغُربة؛ قال: فقلت في نفسي: ما أبْلَغَ كلامهم؛ فناداني الثالث منهم: مَن أنِسَ به في الظلام لا يبقى له اهْتمام؛ قال: فصعقت!، فما أفقتُ إلاّ برائحة الطيب وإذا نرْجسة على صدري، فشممتها فأفقت، فقلتُ: وصية يرحمكم الله جميعاً؟!.