نتدلّل عليه على قدْر ما اسْتَزارنا إليه)؛ ثم قالت: (بحبكَ لي إلاّ ردَدْتَ عليَّ قلبي)؛ قال: فقلت: مِن أين تعلمين أنه يحبك؟!، فقالت: (جَيَّش من أجْلي الجيوش، وأنفق الأموال، وأخرجني من دار الشرك وأدخلني في التوحيد، وعَرَّفني نفْسَه بعد جهلي إياه، فهل هذا إلاّ لِعِناية!)، قلت: كيف حبك له؟!، قالت: (أعظم شيء وأجَلّه) (?).
قال الإمام الجنيد - رحمه الله -: (حججت على الوحدة فجاوَرْتُ بِمَكة، فكنتُ إذا جَنَّ الليل دخلت الطواف، فإذا أنا بجارية تطوف وتقول:
أبى الحبّ أن يخفى وكم قد كتمتُه ... فأصبح عندي قد أناخَ وطنَّبا (?)
إذا اشتدّ شوقي هام قلبي بذكْرهِ ... وإنْ رُمْتُ قرباً من حبيبي تقرّبا
قال: فقلت لها: يا جارية أما تتقين الله تعالى؟!، في مثل هذا المكان تتكلمين بمثل هذا الكلام؟!، فالتفتتْ إليّ وقالت: يا جنيد!:
لَوْلاَ التُّقى لَمْ تَرَني ... أهْجُرُ طِيبَ الوَسَنِ
إنَّ التُّقَى شَرّدَني ... كَمَا ترَى عَنْ وَطَنِي
أفِرُّ مِنْ وَجْدي بِهِ ... فَحُبُّهُ هَيَّمَنِي
ثم قالت: يا جنيد!، تطوف بالبيت أم برب البيت؟!، فقلت: أطوف