رؤيته التي هي أعلى نعيمهم كما قال تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ ? إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} (?) وحُقّ لها أن تُنَضَّر بهذا القُرْب والنَّظَر.
قال عثمان بن سعيد الدارمي - رحمه الله - في قوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (?) قال: " معناه هو أحسن الأشياء وأجملها "، وقالت الجهمية: " معناه ليس هناك شيء "!! (?)، والمراد أن انتهاء المعرفة ومبلغ العلم إذا كان يُصيِّر العبادة لمجرد المعاوضة بأشياء مخلوقة مهما بلغتْ فهذا قصور وجهل بالمعبود سبحانه وما يستحقه لذاته، وهذا حاصل لكثير من المسلمين حيث قصُرتْ معرفتهم لمعبودهم.
وهو سبحانه فطر قلوب عباده على محبته لذاته والإنابة إليه لذاته لا لشيء آخر، وهذا واللهِ من أعظم ما أُكرم به هذا المخلوق، فلقد رفعه الله مقاماً ينقطع الوصف دونه، ولوْ جعل غايته ومنتهى طلبه وإرادته مجرد مخلوقات مهما كُمُلتْ وحسُنَتْ ودامتْ لَمَا صار له هذا الشأن العظيم، وإنما يحصل هذا لمن تمت عليه النعمة وسبقت له السعادة، قال ابن القيم – رحمه الله -: (الشوق إلى مجرد الأكل والشرب والحور العين في الجنة ناقص جداً بالنسبة إلى شوق المحبين لله تعالى، بل لا نسبة له إليه البتة) انتهى (?).