قال ذو النون المصري: (بينما أنا أسير على ساحل البحر إذْ بَصرتُ بجارية عليها أطمار شعر، وإذا هي ذابلة ناحلة، فدنوت منها لأسمع ما تقول وإذا هي متصلة الأحزان بالأشجان، وعصفت الرياح وأنا واقف عندها فاضطربت الأمواج، فصرختْ ثم سقطتْ على الأرض.

فلما أفاقت نَحَبَتْ، ثم قالت: يا سيدي بِكَ تفرّد المتفردون في الخلوات، ولعظمتك سَبّحتْ الحيتان في البحار الزاخرات، ولجلال قُدْسِك اصطفقت الأمواج المتلاطمات .. أنتَ الذي سجد لك سواد الليل وضوء النهار، والفَلَك الدّوْار، والبحر الزَّخّار، والقمر النوّار ..

يا مُؤنِسُ الأبْرَارِ فِي خَلَوَاتِهَا

يا خَيْر مَنْ حَطّتْ بِهِ النُّزَّالُ!

ثم شهقت شهقة فإذا هي قد فارقت الدنيا!.

فبقيت أتعجب مما رأيت منها، فإذا بِنِسْوةٍ قد أقبلنَ عليهنَّ مدارع الشعر فاحتملنها فغيّبْنَهَا عني، فغسّلنها ثم أقبلن بها في أكفانها، فقلن لي: تقدم فصلِّ عليها، فتقدمت فصليت عليها، ثم احتملنها ومضيْن) انتهى (?)؛ والمراد هو الكلام على المعرفة بالله سبحانه وأنها هي التي تُوجب مع التوفيق صفاء المعاملة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015