الْفِرارُ ليس بوقف، لأن قوله: إن فررتم شرط قد قام ما قبله مقام جوابهم.
أعلم الله من فرّ أن فراره لا ينجيه من الموت كما لم ينج القوم من الموت فرارهم من ديارهم، ومثل ذلك يقال في قوله: أو القتل، لأن ما بعده قد دخل فيما دخل فيه ما قبله، لأن وإذ عطف على ما قبله، ومن استحسن الوقف عليه رأى أن ما بعده مستأنف، وأن جواب الشرط محذوف لدلالة ما قبله عليه، أي: إن فررتم من الموت أو القتل لا ينفعكم الفرار لأن مجيء الأجل لا بدّ منه إِلَّا قَلِيلًا كاف، ومثله: رحمة وَلا نَصِيراً تامّ هَلُمَّ إِلَيْنا جائز إِلَّا قَلِيلًا كاف، إن نصبت أشحة على الذم بفعل مضمر تقديره، أعني أشحة كقول نابغة بني ذبيان: [الطويل]
لعمري وما عمري عليّ بهين ... لقد نطقت بطلا على الأقارع
أقارع عوف لا أحاول غيرها ... وجوه قرود تبتغي من تخادع
أي: اذكر وجوه قرود أو أعني وجوه قرود، وكذا: من جعل أشحة حالا من الضمير في يأتون، وإن جعل حالا من المعوّقين، أي: قد يعلم الله المعوّقين في حال ما يشحون على فقراء المؤمنين بالصدقة أو حالا من القائلين، أي:
والقائلين لإخوانهم هلمّ إلينا في هذه الحالة، فعلى هذين الوجهين لا يجوز الوقف على قليلا، وقياس فعيل في الصفة المضعفة العين واللام أفعلاء، نحو:
خليل وأخلاء، وصديق وأصدقاء، فكان القياس أشحاء، لكنه مسموع أيضا أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ كاف يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ حسن، على استئناف ما بعده، وليس بوقف إن جعل ما بعده في موضع الحال مِنَ الْمَوْتِ كاف حِدادٍ حسن، إن جعل أَشِحَّةً ذمّا لا حالا من فاعل سَلَقُوكُمْ عَلَى الْخَيْرِ
ـــــــــــــــــــــــــ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .