وأخرج أيضاً في تاريخه 1 عن ابن جريج قال: "أتيت عطاءً وأنا أريد هذا الشأن، وعنده عبد الله بن عبيد بن عمير. فقال لي عبد الله بن عبيد: قرأت القرآن؟ قلت: لا. قال: فاذهب فاقرأِ القرآن ثم اطلب العلم. قال: فذهبت فغبرت زماناً حتى قرأت القرآن، ثم جئت إلى عطاء، وعنده عبيد الله بن عبيد فقال: تعلمت القرآن - أو قرأت القرآن -؟ قلت: نعم. قال تعلمت الفريضة؟ قلت: لا. قال: تعلم الفريضة ثم اطلب العلم. قال: فطلبت الفريضة ثم جئت فقال: تعلمت الفريضة؟ قلت: نعم. قال: الآن اطلب العلم. قال فلزمت عطاءً سبع عشرة سنة".

وعن أحمد بن حبان المعروف بشامط قال: دخلت على أبي عبد الله أحمد بن حنبل فقلت: أتوضأ بماء النورة؟ فقال: ما أحب ذلك. قلت: أتوضأ بماء الباقلاء؟ قال: ما أحب ذلك. قلت: أتوضأ بماء الورد؟ قل ما أحب ذلك. فقمتُ فتعلّق بثوبي ثم قال: أَيْشٍ تقول إذا دخلت المسجد؟ فسكتُّ. فقال: أَيْشٍ تقول إذا خرجت من المسجد؟ فسكتُّ. فقال: اذهب فتعلّمْ هذا" 2.

ثم قال ابن عبد البر - في باب رتب طلب العلم 3:

"طلب العلم درجات ورتب لا ينبغي تعدّيها، ومن تعدّاها جملة فقد تعدّى سبيل السلف رحمهم الله، ومن تعدّى سبيلهم عامداً ضلّ، ومن تعدّاه مجتهداً زلّ.

فأول العلم حفظ كتاب الله عز وجل وتفهُّمه، وكل ما يعين على فهمه فواجب طلبه معه. ولا أقول إن حفظه كله فرض، لكن أقول إن ذلك واجب لازم على من أحب أن يكون عالماً، وليس من باب الفرض".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015