وقال الخطيب البغدادي:
"فواجب على كل أحد طلب ما تلزمه معرفته مما فرض الله عليه على حسب ما يقدر عليه من الاجتهاد لنفسه، وكل مسلم بالغ عاقل من ذكر وأنثى حر وعبد تلزمه الطهارة، والصلاة، والصيام فرضاً. فيجب على كل مسلم تعرّف علم ذلك. وهكذا يجب على كل مسلم أن يعرف ما يحل له وما يحرم عليه من المآكل والمشارب والملابس، والفروج، والأموال، والدماء، فجميع هذا لا يسع أحداً جهلُه، وفرضٌ عليهم أن يأخذوا في تعلّم ذلك حتى يبلغوا الحلم وهم مسلمون، أو حين يسلمون بعد بلوغ الحلم. ويجبر الإمام أزواج النساء وسادات الإماء على تعليمهن ما ذكرنا، وفرض على الإمام أن يأخذ الناس بذلك ويرتب أقواماً لتعليم الجهّال، ويفرض لهم الرزق في بيت المال، ويجب على العلماء تعليم الجاهل ليتميز له الحق من الباطل" 1.
أخرج الخطيب البغدادي في الجامع عن أبي الوليد هشام بن عبد الملك الطيالسي (ت 227هـ.) قال:
"بينا أنا عند شعبة ذات يوم إذ جاءه رجل غريب، فقال: يا أبا بسطام حدثني بحديث حماد عن إبراهيم أنه قال: لأن يلبس الرجل في طلب العلم النعلين زمامهما من حديد، فلم يحدثه شعبة به. فقال: يا أبا بسطام أنا رجل من أهل المغرب، أتيتك لهذا الحديث من مسيرة ستة أشهر. فقال: ألا تعجبون من هذا جاء من مسيرة ستة أشهر يسألني عن حديث لا يُحل حراماً ولا يُحرِّم حلالاً!! اكتبوا: حدثني قتادة، عن أنس بن مالك قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: "من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها" ثم قال له: إذا سألت يا أخا أهل المغرب فَسَلْ عن مثل هذا، وإلا فقد ذهبت رحلتك باطلاً" 2.