الأوَّلُ هُوَ أنَّ هذا المَجُوسيّ هو أوَّلَ مَنْ سَنَّ جَريمَة الاغتيَال السيَاسِيّ المُوَجَّهَة ضِدَّ الحَاكِمِ المُسلِمِ؛ نتيجَةَ للحقدِ على الإسْلَامِ وأهْلِهِ، فَكَانتْ هيَ النَّبْرَاس الذي بهِ اهْتَدَى بقيَّةُ الرَّافِضَة من بَعْدِه.

والثَّاني أنَّ الرَّافِضَة بعدَ ذلكَ اعتبَرُوهُ رَمْزًا مِنْ رُمُوزِهِم، واعتَبَروا سُنَّتَه في الاغتيال أسَاسًا من أُسُسِهِم، وأَدَبِيَّاتِ جَرائِمِهِم، لدَرَجَةٍ أنَّهُم يَتَرَضَّوْنَ عَنْهُ في كُتُبِهِم، بَلْ وَصَلَ بهمُ الأمْرُ في تَعْظِيمِه أنْ بَنَوْا لَهُ قَبْرًا، ومَزَارًا في مُستَقَرِّ وَقْرِهِم في إيران، يَطوفُونَ بِهِ ويُقدِّمونَ عِندَهُ القَرَابين. وفي ذلكَ يَقولُ صاحبُ كتابِ للهِ ثُمَّ للتَّاريخِ: (واعْلَمْ أنَّ في مدينةِ كَاشان الإيرانية في مَنْطِقَةِ تُسَمَّ باغيثين مَشْهَدًا عَلَى غِرارِ الجُنْدِيّ المَجْهُولِ، فيهِ قَبْرٌ وَهْمِيّ لأبي لُؤلؤة فَيْرُوز الفَارِسيّ المَجوسيّ، قَاتِل الخَليفَةِ الثَّاني عُمَرَ بن الخطَّابِ رَضيَ اللهُ عنهُ وأرْضَاه، حَيْثُ أطلَقُوا عليهِ مَا معنَاه بالعربِيَّة: مَرْقَدْ بابا شُجاعِ الدِّين، وبَابا شُجاعِ الدِّين، هُوَ لقبٌ أطْلَقُوهُ على أبي لؤلؤة لِقَتْلِهِ عُمَرَ بن الخطَّابِ، وقدْ كُتِبَ عَلى جُدْرانِ هذا المشهدِ بالفارِسيّ (مَرْك بَرْ أبو بكر - ومرْكبَرْ عُمَر - ومَرْكْبَرْ عُثمان) ومعناهُ بالعربِيَّة (الموتُ لأبي بَكْرٍ، الموتُ لِعُمَرَ، الموتُ لِعُثمَان) (?).

وهذا المَشْهَدُ يُزارُ من قِبَلِ الإيرانيين، وتُلقَى فيهِ الأموالُ والتَّبَرُّعاتُ، وقدْ رأيتُ هذا المَشْهَدُ بنَفسِي، وكانتْ وَزَارَةُ الإرشادِ الإيرانيَّة قدْ بَاشَرَتْ بِتَوْسِيعِهِ، وتَجْدِيدِه، وفَوْقَ ذلك قَاموا بطبعِ صورة المَشْهَدِ على كارتات تُستَخدَم في تَبادُلِ الرَّسَائلِ والمَكاتيبِ. انتهَى كلامُه.

ويَقُولُ الإمامُ ابن تَيْمِيَّة رحِمَهُ الله تَعَالَى في مِنْهَاجُ السُّنَّة النَّبَوِيَّة: (ولِهَذَا تَجِدُ الشِّيعَة يَنتَصِرونَ لأعداءِ الإسلامِ المُرتَدِّين، كَبني حَنِيفَةَ أتْبَاعِ مُسيْلَمَةَ الكذَّاب، ويَقُولونَ إنَّهُم كانوا مَظْلومينَ)،كَمَا ذكَرَ صاحبُ هذا الكتابِ (ويَنْتَصِرونَ لأبي لؤلؤةَ الكافرِ المَجوسيّ، ومنهُم من يَقُول (اللهمَّ ارضَ عَن أبي لؤلؤة واحْشُرنِي مَعَه)،ومنهُم مَن يقولُ في بعض ما يَفعَله منْ مُحارَبَتِهِم (وَثَارَاتِ أبي لُؤلؤة). كَمَا يَفعَلُونَهُ في الصُّورَةِ التّي يُقدّرون فيها صورةَ عُمرَ من الجِبْسِ أو غَيرِه، وأبو لؤلؤة كافرٌ باتِّفاقِ أهلِ الإسلامِ، كانَ مَجُوسِيًَّا مِن عُبَّادِ النِّيرانِ، وكانَ مَمْلوكًا للمغيرة بن شُعْبَة، وكان يصنعُ الأرحَاء، وعليهِ خَراج للمغيرَةِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015