يكون ذلك إذا جاءت مناسبة لمكانها من الجملة أو البيت، دون عمد أو قصد من الأديب أو الشاعر.
وإنما كان أصحاب البلاغة العربية الخالصة قد وجدوا في عبد الله بن المعتز مدافعاً عن مذهبهم وطريقتهم، فلقد وجد المتفلسفة ممن يجرون وراء معايير البلاغة اليونانية في قدامه بين جعفر المتوفي سنة 337 هـ مؤيدا لذهبهم ومدافعاً عن طريقتهم: فقد تجرد هو الآخر لتأليف كتابه "نقد الشعر" مبيناً في أول صفحة من كتابه: أنه لم يجد أحداً وضع في نقد الشعر، وتخليص جيده من رديئة كتاباً، وأنه قد وجد الناس يخبطون في ذلك منذ تفقهوا في العلم، وقليلاً ما يصيبون وكأنه بهذا يقول: أن نقد الشعر علم لم يستطع فهمه أحد من قبله، لأنه لا يكفي -في نقد الشعر - أن تورد ألواناً من فنون البديع، مستدلاً على وجودها في الشعر الجاهلي والإسلامي، والقرآن الكريم، والسنة النبوية الشريفة وكلام الصحابة، وإنما النقد الحقيقي للشعر هو: أن تميز جيده من رديئة.
ولهذا فإنه قد ذكر هدفه من تأليف كتابه، وهو: ذكر أسباب الجودة وأحوالها، ليكون ما يوجد من الشعر قد اجتمعت فيه الأوصاف المجمودة كلها، وخلا من الخلا المذمومة بأسرها، يسمى شعراً في غاية الجودة، ربما يوجد بضد هذه الحال يسمى شعراً في غاية الرداءة، وما يجتمع فيه من المحاليين أسباب ينزل له اسم بحسب قرية من الجيد ومن الرديء، أو وقوفه في الوسط الذي يقال لما كان فيه: