(البديع)، وهو الجديد والمحدث والمخترع، وبين المعنى الذي قصده العلماء الذين كان لهم قصب السبق في التأليف في ميدانه.

فلم تكن العرب تعرف هذه التسمية لوجوه تحسين الكلام، لا في العصر الجاهلي، ولا في عصر صدر الإسلام، بل أنها لم تكن تحفل بالبديع ولا تهتم به، لأن أساس المفاضلة بين الشعراء لم يكن باستعمال البديع وإنما كان بحسن الإصابة في الوصف، والمقاربة في التشبيه، وغزارة البديهة، وكثرة الأمثال السائرة، ولكن المحدثين من أمثال بشار بن برد، ومسلم بن الوليد، وأبي نواس هم الذين جروا وراء الأبيات التي كانت تحمل ألواناً من ألوان البديع، وتكلفوا شعراً على منوالها، وسموه بهذا الاسم.

وفي النصف الثاني من القرن الثالث الهجري: عنيت طائفة المتفلسفة بشؤون البلاغة، متأثرة بكثرة ما نقل عن اليونان من فلسفة، مما جعل الكثيرين منهم يتخذون معايير البلاغة اليونانية أساساً في تقويم الشعر العربي، ولكن البحتري قد جأر بالشكور منهم قائلاً:

كلفتمونا حدود منطقكم ... والشعر يغني عن صدقه كذبه

لم يكن ذو القروح يلهج بالمنطق، ما نوعه، وما سببه!

وناصر البحتري أصحاب البلاغة العربية الخالصة، ومضى يقول الشعر متبعاً خطى الأقدمين، ومتأثر في الوقت نفسه - بطريقة أبي تمام، وهي الطريقة التي كانت تحفى بمحسنات البديع، والفلسفة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015