نقل الإمام الذهبي عن الإمام البخاري كلاماً يتعلق بتفسيره لقوله: «فيه نظر» - كما مر- وقد نقلها المزي بلفظ آخر ينبغي الوقوف الطويل عنده، إذ قال المزي في تهذيب الكمال- ترجمة عبد الكريم بن أبي المخارق-: «قال الحافظ أبو محمد عبد الله بن أحمد بن سعيد بن يربوع الأشبيلي: بين مسلم جرحه في صدر كتابه. وأما البخاري فلم ينبه من أمره على شيء، فدل أنه عنده على الاحتمال، لأنه قد قال في التاريخ: كل من لم أبين فيه جرحه فهو على الاحتمال، وإذا قلت: فيه نظر، فلا يحتمل» (?).
قلت: لم أقف على هذه العبارة في تاريخي البخاري الكبير والصغير، ولو كانت في واحد منهما في نسخ الكتابين في عصر المزي، لكان المزي من أولى الناس اطلاعاً عليها فيهما، ولما افتقر في نقله لها إلى هذا الحافظ الأندلسي. ولكن الدقة والأمانة العالية التي عرف بها الذهبي تجعلنا نسلم لنقله، ويؤيد هذا أن الاستقراء لحال الرواة يبين دقة النتيجة التي ذكرها الذهبي رحمه الله تعالى.
وقال الشيخ عبد الفتاح أبو غدة: «وقد انتقد أستاذنا العلامة المحقق النبيل الشيخ حبيب الرحمن الأعظمي كلام الحافظ الذهبي المذكور في أول هذا الإيقاظ وكلام الحافظ العراقي المذكور في آخره: فلان فيه نظر يقوله البخاري فيمن تركوا حديثه- يقول الشيخ عبد الفتاح- فكتب إليَّ سلَّمه الله من الهند يقول»: ولا ينقضي عجبي حين أقرأ كلام العراقي هذا وكلام الذهبي أن البخاري لا يقول: فيه نظر، أو يدخلونه في الصحيح وإليك أمثلة ... - وساق الأعظمي أمثلة، منها:-
1 - تمام بن نجيح قال فيه البخاري: «فيه نظر». ووثقه ابن معين وقال البزار في موضع: هو صالح الحديث وروى له البخاري نفسه أثراً موقوفاً معلقاً في رفع عمر بن عبد العزيز يديه حين يركع أعني فلم يتركه البخاري نفسه ولم يتركه أبو داود ولا الترمذي.
2 - ثعلبة بن نجيح الحماني قال فيه البخاري: «في حديثه نظر، لا يتابع في حديثه». وقال النسائي: ثقة وقال ابن عدي: لم أر له حديثاً منكراً في مقدار ما يرويه وقال الحافظ ابن حجر: صدوق شيعي.