بلغني أنه لما حمل ديوان شعر أبي مطران الشاشي إلى الصاحب استحسن منه أبياتاً دون العشرة، وعلم عليها ليأمر بنقلها إلى سفينة كانت تجمع له ما تلذ به الأعين وتشتهيه الأنفس. فمنها قوله في الشراب المطبوخ:
وراحٍ عذبَتْها النارُ حتّى ... وقَتْ شُرَّابَها نارَ العذابِ
يذيب الهمَّ قبلَ الشرب لونٌ ... لها في مثلِ ياقوتٍ مذابِ
فكتب أنه سابق إلى معنى البيت الأول، حتى مر عليَّ البيت الثالث لابن المعتز من هذه الأبيات:
خليليَّ قد طابَ الشرابُ المَورَّدُ ... وقد عدتُ بعد النسكِ والعودُ أحمدُ
فهاتا عقاراً في قميصِ زجاجةٍ ... كياقوتةٍ في درةٍ تتوقَّدُ
وقتني من نارِ الجحيمِ بنفسها ... وذلك من إحسانها ليسَ يجْحَدُ
فعلمت أنه أخذ المعنى اللطيف منه، ولا أدري هل فطن الصاحب للسرقة أو لا.
الباب السادس
الإخوانيات والمدح
وما يضاف إليها
فصل
والأصدقاء