ولا ينبغي التوسع في باب العلة المستنبطة , لأن الشارع الحكيم كثيراً ما يذكر الأحكام فيستنبط العلماء من الفقهاء وغيرهم من نص النبي - صلى الله عليه وسلم - ويقيسون عليها غيرها وحينئذ يقعون فيما يخالف الشرع وذلك بتقدم العصور وكذلك بتنوع حاجات الناس ومن تأمل كثيراً من الأحكام التي يقيس فيها أهل الرأي العلة المستنبطة على غيرها يتوسعون في ذلك ويقعون فيما يخالف النبي - صلى الله عليه وسلم -.

فعلى سبيل المثال تحريم الذهب والفضة جاء عن الشارع الحكيم التحريم بنص صريح بالنسبة للرجال , وما العلة في ذلك؟

لم تأتي علة منصوصة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولكن العلة مستنبطة اختلفت باختلاف أفهام العلماء عليهم رحمة الله , فمنهم من قال أن العلة من تحريم الذهب والفضة هي حاجة الناس للنقدين من الذهب والفضة فإذا استعمل الرجال حلي الذهب بلبسهم واستعملوه في أكلهم وطعامهم وشرابهم فإن الناس يفتقرون إلى النقدين من الذهب والفضة، وقال بذلك بعض العلماء فلو قيل بأن هذه العلة مسلّمة فإنها في وقتنا لا يمكن أن يقال بأن هذه العلة هي العلة التي نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - لاجلها، ففي وقتنا الناس ليسوا بحاجة إلى النقدين الذهب والفضة من جهة المعاملة البيع والشراء فحينئذ فالحكم يدور مع العلة وجوداً وعدماً , فهل يقال هنا أن الذهب والفضة مباح لبسه بالنسبة للرجال والأكل فيه والشرب منه؟

لا شك أن ذلك لا يقال وحينئذ يعلم فساد العلة المستنبطة التي قال بها هؤلاء من أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حينما نهى عن استعمال آنية الذهب والفضة لأجل حاجة الناس إلى النقدين وهذا يعلم بتقادم الوقت أو تغير الأعصار وكذلك يختلف من إمام إلى إمام.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015