[في أحكام الجنائز]

في أحكام الجنائز إن شريعتنا -ولله الحمد- كاملةٌ شاملةٌ لمصالح الإنسان في حياته وبعد مماته، ومن ذلك: ما شرعه الله من أحكام الجنائز، من حين المرض والاحتضار إلى دفن الميت في قبره: من عيادة المريض وتلقينه، وتغسيله وتكفينه، والصلاة عليه، ودفنه، وما يتبعُ ذلك: من قضاء ديونه وتنفيذ وصاياه، وتوزيع تركته، والولاية على أولاده الصغار.

قال الإمام ابن القيم رضي الله عنه: (وكان هديه صلى الله عليه وسلم في الجنائز أكمل الهدي، مخالفًا لهدي سائر الأمم مشتملًا على إقامة العبودية لله تعالى على أكمل الأحوال وعلى الإحسان للميت ومعاملته بما ينفعه في قبره ويوم معاده: من عيادة وتلقين وتطهير وتجهيز إلى الله تعالى على أحسن الأحوال وأفضلها، فيقفون صفوفًا على جنازته، يحمدون الله، ويُثنون عليه، ويصلون على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، ويسألون للميت المغفرة والرحمة والتجاوز، ثم يقفون على قبره، يسألون له التثبيت. ثم زيارة قبره، والدعاء له، كما يتعاهد الحي صاحبه في الدنيا، ثم الإحسان إلى أهل الميت وأقاربه، وغير ذلك) (?) أهـ.

ويسن: الإكثار من ذكر الموت، والاستعداد له: بالتوبة من المعاصي، ورد المظالم إلى أصحابها، والمبادرة بالأعمال الصالحة قبل هجوم الموت على غِرة.

قال النبي صلى الله عليه وسلم: " «أكثِرُوا من ذكر هادم اللذَّات» " (?) رواه الخمسة بأسانيد صحيحة، وصححه ابن حبان والحاكم وغيرهما، وهاذِمُ اللذات (بالذال) هو: الموت.

وروى الترمذي وغيره عن ابن مسعود مرفوعًا: " «استحيُوا من الله حق الحياء» "، قال: قلنا: يا رسول الله، إنا نستحيي والحمد لله.

قال: " «ليس ذاك، ولكن الاستحياء من الله حق الحياء؛ أن تحفظ الرأس وما وعى، والبطن وما حوى، وتذكر الموت والبلى، ومن أراد الآخرة ترك زينةَ الدنيا، فمن فعل ذلك، فقد استحيا من الله حق الحياء» " (?) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015