ملتقي اهل اللغه (صفحة 8171)

كفانا مؤونة هذا الجواب شيخنا بن عثيمين -غفر الله له- بقولهِ: (القول بزوال العلة الآن، قول مخالف للواقع، لأنه يقال: أيهما أكثر في المشركين: من يحلقون لحاهم أم من يعفونها؟ لا شك أن الأكثر هم الذين يحلقون لحاهم. وأيضاً: ليست العلة الوحيدة هي مخالفة المشركين، حتى يقال بزوال الحكم إذا زالت العلة، بل هناك علل أخرى، منها: أن في حلق اللحية تشبهاً بالنساء، وتغييراً لخلق الله. وأن إعفاءها من سنن الفطرة، وسنن المرسلين.

فعلى فرض أن علة " مخالفة المشركين " قد زالت يبقى الحكم مشروعاً كما هو بالعلل الأخرى.

فالجواب إذاً من ثلاثة وجوه -كما ذكر:

الوجه الأول: أن إعفاء اللحية ليس من أجل المخالفة فحسب، بل هو من الفطرة كما ثبت ذلك في صحيح مسلم، فإن إعفاء اللحي من الفطرة التي فطر الله الناس عليها وعلى استحسانها، واستقباح ما سواها.

الوجه الثاني: أن اليهود والنصارى والمجوس الآن ليسوا يعفون لحاهم كلهم، ولا ربعهم، بل أكثرهم يحلقون لحاهم كما هو مشاهد وواقع.

الوجه الثالث: أن الحكم إذا ثبت شرعاً من أجل معنى زال وكان هذا الحكم موافقاً للفطرة أو لشعيرة من شعائر الإسلام فإنه يبقى ولو زال السبب، ألا ترى إلى الرَّمَل في الطواف كان سببه أن يُظهر النبيُّ صلى الله عليه وسلم وأصحابه الجَلَد والقوة أمام المشركين الذين قالوا إنه يقدم عليكم قوم وهنتهم حُمَّى يثرب، ومع ذلك فقد زالت هذه العلة، وبقى الحكم، حيث رَمَل النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع.

فالحاصل: أن الواجب على المؤمن إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يقول سمعنا وأطعنا، كما قال الله تعالى: (إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) النور/51.) انتهى.

http://www.islam-qa.com/ar/ref/75525 (http://www.islam-qa.com/ar/ref/75525)

- القرينة التي صرفت الأمر بالإستحباب لقص الشارب لما لا تجري على إعفاء اللحية؟

- الأمر بالنهي لم يتضمن الوعيد أو اللعن كما جاء في الأخذ من الحاجبين مع أنّ كلاهما شعر وهما -اللحية والحاجبان -موجودان في نفس المحل من الجسد وهو الوجه.

الأمر المطلق يُفيد الوجوب وكذلك النهي المطلق يُفيد التحريم مالم تُوجد قرينة تصرفه من الوجوب إلى الندب أو من التحريم إلى الكراهة، ولا يلزم منهما وجود الوعيد في الحكم بخصوصهِ، إلاّ إن عُدم فيهِ الأمر كقوله صلى الله عليه وسلم: (لا يدخل الجنة قتّات) فهذا لم يتضمن أمر أو نهي وإنّما صيغة الوعيد دالة على التحريم. وقد يُقال إن الوعيد داخل في عصيان الرسولصلى الله عليه وسلم قال تعالى: (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ). قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ (أي أمر رسول الله). وهو سبيله ومنهاجه وطريقته وسنته وشريعته.

وجاء في الحديث (من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى) رواه البخاري.

-عادة القوم حينها الإعفاء ولم يعرف أنه خالفها أحد حتى قبل دخولهم في الإسلام، فهل هذا الأمر صحيح؟

المشركين والمجوس على عهده-صلى الله عليه وسلم- كانوا على خلاف الإعفاء كما جاء في الحديث برواية ابن عمر (خالفوا المشركين) ورواية أبو هريرة (خالفوا المجوس). ونص على ذلك الإمام أبو شامة قول الإمام أبو شامة رحمه الله:

(وقد حدث قوم يحلقون لحاهم وهو أشد مما نقل عن المجوس أنهم كانوايقصونها) الفتح11/ 542، وقول الحافظ ابن حجر رحمه الله: (كانوا يقصون لحاهم ومنهم من كان يحلقها) الفتح 11/ 541.

* فإن كان كذلك فهل هذا يعني بأن الخطاب لهم والمراد به باقي الأمة؟

ذكرنا في الجواب السابق أن عادتهم هي خلاف الإعفاء، والأصل في الخطاب أنه لعموم الأمة مالم يرد دليل الخصوصية.

* أم أنّه يتضمن الإشارة لمخالفة المشركين فقط؟

* وهل علّة المخالفة تنقضي بإنتفاء مسبباتها ودواعيها؟

تقدّم الجواب عليهما في كلام الشيخ العلامة بن عثيمين-رحمه الله.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015