بناءً علي ما ذکرت، أقترح علي خبراء الصرف والنحو والبارعين في هذين العلمين الصعبين البعيدتي المنال أن يشرعوا يکتبون کتاباً يحتوي علي قواعد من الصرف والنحو مما يستعملها العرب الآن، وکتاباً آخر لمن يريد أن يتعلم القواعد لفهم النصوص القديمة. مثلاً في الکتاب الأول، يُجتنَب أن تُذکر أفعال مثل: غادر، وهب، تَخِذَ، (وهي من أفعال التصيير/التحويل) وحَجا، هب، دري، تعلم (من أفعال القلوب)، بل يکتفي بذکر الأفعال الناقصة أو أفعال التصيير التي تُستخدم اليوم، کما أرتأي حرياً بأن يخصص المؤلفون صفحات للأزمنة في اللغة العربية، ولايکتفون بتقسيم الزمان إلي الماضي، والمضارع، والمستقبل، بل يخوضون في فروع الزمان الماضي ويذکرون أن «کان قد کتب»، «کان يکتب» و «أن أکونَ کتبتُ» أيضاً موجودة، ثم يشرحون کيف تُستعمل هذه الأساليب.
کذلک أقترح أن يکون الاتجاه السائد في إعداد هذا الکتاب الاهتمام بالقواعد من زاوية استعمالها في مجال فهم النصوص. مثلاً عند ذکر أسماء الإشارة المکانية، يُشار إلي أن «هناک» له استعمال بمعني «يوجَدُ». وأيضاً يذکر أصحيح استعماله أم لا، أو في بحث أفعال المقاربة وهي: کاد وکرب وأوشک (أفعال المقاربة)، عسي وحري واخلولق (أفعال الرجاء) وشرع وأنشأ وطفق وأقبل وعلِق وأخذ وجعل وهبَّ وابتدأ وقام وانبري (أفعال الشروع)، أولاً. الاکتفاء بالمستعملة منها وبرأيي هي: کاد وعسي وشرع وأخذ وجعل، فبقية الأفعال قليلة الاستعمال وبعضها ربما عديمة الاستعمال مثل: علق واخلولق وهبّ وابتدأ وقام. ثانياً. ذکر بعض الاستعمالات الحديثة أو القديمة لها. مثلاً لم أجد في أي کتاب نحوي عند التطرق لأحکام فعل «کاد»، أن ينبه علي استعمال آخر لهذا الفعل، وهو کما في العبارة التالية: «لم تكد تلمس مريم جذعها حتى تساقط عليها رطب شهي»، مع أن هذا الاستعمال في النصوص التراثية موجودة؛ مثلاً جاء في تأريخ دمشق، ج 26، ص 163، عند ذکر ترجمة «أبي إدريس الخولاني»: «وکان أبو إدريس إذا أخذ في نوع في مجلس، لم يکد يأخذ في غيره حتي يقوم من مجلسه».
أيضاً لم أجد في کتاب نحوي الإشارة إلي التعبير التالي: «ما إن بدأ يغسل يده حتي قرر الوضوء». فهذا التعبير لا أدري في أي موضوع من موضوعات النحو يندرج، وکل ما أعلم أنه غير موجود الآن في کتب النحو.
والسلام عليکم ورحمة الله