ملتقي اهل اللغه (صفحة 6103)

اللغة العربية عظمة وثراء وخلود

ـ[صلاح جاد سلام]ــــــــ[09 - 12 - 2008, 07:33 ص]ـ

اللغة العربية عظمة وثراء وخلود

من العجيب أن بعض المستشرقين يزعمون إفتراء أن في كلام العرب حشوا وفضولا،

إلا أن الأمر جد يسير لمن ينظر إلي اللغة العربية بعين مجردة بصيرة، وفكر عاقل سليم، وقلب خال من الحسد والكراهية، فضلا عن اللجاج والمغالطة،،

ولكن،، يعوزه أمر لازم،، وهو ما يفتقده المغالطون الحاقدون،

إنهم يفتقدون الحس العربي الأصيل.

قيل لأبي العباس المبرد رحمه الله تعالي:

إن في كلام العرب حشوا، فإنهم يقولون: عبد الله قائم، ثم يقولون: إن عبد الله قائم، ثم يقولون: إن عبد الله لقائم،،، فالألفاظ متكررة، والمعني واحد.

فقال رحمه الله:

بل المعاني مختلفة،،

فقولهم: عبد الله قائم، إخبار عن قيامه،

وقولهم: إن عبد الله قائم، جواب عن سؤال سائل،

وقولهم: إن عبد الله لقائم، رد علي منكر. آهـ

وإذن فنحن أمام ميزة من ميزات لغتنا العربية، لاتقل شأنا عن غيرها من الميزات الأخري الكثيرة المتنوعة، والتي تتضافر جميعا لتجسد العظمة والثراء والخلود،

دقة في التعبير، بقليل من الإضافات اليسيرة إلي نفس الألفاظ لتكون النتيجة إصابة المعني الدقيق،،

وهو علي غير ما يزعمه افتراء، ويتشدق به جهلا، مرضي العقول والأنفس والبصائر.

ولله در القائل:

صور العمي شتي وأقبحها إذا ... نظرت بغير عيونها الهام

ورحم الله البوصيري إذ قال:

قد تنكر العين ضوء الشمس من رمد ... وينكر الفم طعم الماء من سقم

ولعل كلمة عربية تأتي بصيغة الماضي تارة، وبصيغة المستقبل تارة أخري،، فيختلف البيان،،

مثال ذلك:

كلمة (ما أدراك)،، وكلمة (ما يدريك)،،

يقال: (ما أدراك) , (من أدراك)،، بصيغة الماضي فيما يحتاج إلي بيان،،

وقد ورد ذلك في القرآن الكريم،، وعقب بعدها بالبيان،،

قال تعالي:

وما أدراك ماهيه، نار حامية. القارعة 11

ويقال: (ما يدريك)، (من يدريك)،، بصيغة المستقبل فيما لابيان له،،

وقد ورد ذلك في القرآن الكريم،،

قال تعالي:

وما يدريك لعل الساعة قريب. الشوري 17

ولنذهب إلي ميزة الإعراب في لغتنا العربية،،،

فمع شيوع أنواع من الإعراب في بعض اللغات الهندية الجرمانية كاللاتينية وبعض اللغات السامية كالعبرية والحبشية، وبعض اللغات القديمة المهجورة كاللغة المصرية في عهد الفراعنة،، تجد أنه لايزيد عن إلحاق طائفة من الأسماء والأفعال، بعلامات الجمع والإفراد، أو علامات التذكير والتأنيث،

إلا أنه في لغتنا العربية أمر واف، يعم أقسام الكلام أسماء، وأفعالا، وحروفا،، حيثما وقعت بمعانيها من الجمل والعبارات.

ولنذهب إلي ما في الإملاء العربي إذا ما قيس بالإملاء في كثير من اللغات الأخري كالإنجليزية مثلا،

فهو في لغتنا العربية غالب الإطراد، قليل الشذوذ، سهل الفهم، محدود الصعوبات، مضبوط القواعد.

علي أنه من الجدير بالذكر أن الإملاء في العربية من حيث الدلالة ينقسم إلي قسمين:

فهو من حيث دلالة الحروف علي الألفاظ يمثل فرعا من فروع العربية،

وهو من حيث حصول نقش الحروف بالآلة يمثل علم الخط بأنواعه المعروفة.

ويجدر بالذكر هنا بمناسبة علم الخط إيراد لطيفة لا غضاضة من ذكرها،،

قالوا قديما:

إذا أردت أن تحظي بحسن كتابة ... ومرتبة في العالمين تزين

تخير ثلاثا واعتمدها فإنها ... علي بهجة الخط المليح تعين

مدادا وطرسا محكما ويراعة ... إذا اجتمعت قرت بها عيون

ولابد من شيخ يريك شخوصها ... يساعد في إرشادها ويعين

ومن ليس له شيخ وعاش بعقله ... فذاك هباء عقله وجنون

ومن عظمة اللغة العربية القدرة الظاهرة علي التخصيص،، بينما لاتستطيعه الإنجليزية مثلا، ومن ثم فليس أمامها إلا التعميم،

فكل صغير من الحيوان في لغتنا العربية له اسم خاص به،،،

الفرخ ولد الطائر،،، والمهر ولد الفرس،،،

وليس كذلك في الإنجليزية،، إذ هو عندهم صغير الطائر، وصغير الفرس. ومن ثم فهم يحتاجون فيها إلي إضافة كلمة (baby) ،، فيقولون:

baby elephant ... baby camel...baby monkey .

وهكذا،،، كلمة واحدة دقيقة محددة متخصصة في لغتنا العربية، أمام كلمتين إحداهما عامة في الإنجليزية.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015