ـ[د. سليمان خاطر]ــــــــ[25 - 04 - 2009, 05:33 م]ـ
هذا حاصل لا يمكن إنكاره، ومن يحضر المؤتمرات المتخصصة وغيرها من الاجتماعات لهؤلاء الأساتيذ المتخصصين في العربية وعلومها، يسمع العجب العجاب؛ لأنه يرى أن الضعف العام في العربية اليوم لم ينج منه أكثر من يدعي التخصص فيها. هذا واقع لا ينكر، ولكن ما الدواء؟
وفي مشاركة سابقة لي قلت:
هنيئا لك هذه الصراحة، وهي راحة.
والضعف في الإعراب ظاهرة عامة في هذا الزمان، وعلاجها في كثرة التمرن على الإعراب المعرب وبارك الله فيكم أيها الإخوة الكرام، وجزاكم خيرا على هذا الجهد في خدمة العربية لغة الكتاب الكريم، وشكر الله لكم إثارتكم هذا الموضوع المهم وتحديدكم الداء بصورة دقيقة، وبهذا تتجهون إلى عين الفيل بعد طول الطعن في ظله، فمهما تكلمنا عن الأخطاء الشائعة وأنكرناها يظل الوضع على ما هو عليه إن لم يزدد سوءا؛ لأن الإعلاميين وخطباء المساجد والمحافل وكتاب اللافتات والإعلانات هم أكثر الناس تأثيرا في العامة؛ لكثرة تردد كلامهم على أسماع الجميع. وكلهم يتخرجون على يد مدرس العربية في المراحل المختلفة. فمتى يستقيم الظل والعود أعوج؟
والدواء عندي في الإعراب المُعْرَب، وهو أن نلزم -معاشر معلمي العربية- الطلاب ومن في حكمهم من المتدربين بضبط أواخر الكلمات أثناء الإعراب إلا في حالة الوقف، بعد أن نلتزم بذلك في أنفسنا؛ لأن فاقد الشيء لا يعطيه، وحتى لا نكون ممن يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم، فنحن أولى بالالتزام خاصة أثناء التعليم، وهذا مما تعاني منه العربية اليوم، فأنا-مثلا- أعمل في مؤسسة من أهم مؤسسات التعليم العالي في العالم العربي، أعضاء هيئة التدريس فيها من جميع الجنسيات العربية وغيرها، وتدرس القواعد العملية للعربية فيها لجميع الطلاب في جميع التخصصات، ثم أسمع كل مدرس يدرس طلابه بعاميته في بلده! هذا مع كثرة الكلام والأخذ والرد في ضرورة الالتزام بمعايير الجودة الشاملة وأهمية الحصول على الاعتماد الأكاديمي، وكأن ذلك يشمل كل شيء إلا اللغة العربية! والله المستعان، فمتى يستقيم الظل والعود أعوج؟
ومتى يبلغ البناء يوما تمامه*إذا كنت تبنيه وغيرك يهدم؟
فلنبدأ بالمدرسين عموما ثم الخطباء والإعلاميين ثم الطلاب في المراحل المختلفة ونلزم الجميع أثناء التعليم والتعلم والتدريب والتدرب بتطبيق جميع ما درسوه من قواعد العربية في الأصوات والصرف والنحو والدلالة عمليا،وعدم الاكتفاء بتلقين المعلومات نظريا، ويطلب من المخطئ في أي شيء من ذلك إعادة الكلمة أو الجملة أو العبارة موضع الخطأ حتى يستقيم الأمر.
في البداية تبدو صعوبة كبيرة، وسرعان ما تزول ويجد الجميع متعة تعلم العربية وحلاوة تذوقها فلا يستطيعون عنها صبرا.
هذه نصيحة مجرب، فحاولوا، والله يعين الجميع ويوفقهم لخدمة اللغة التي اختارها بحكمته وعاءً لكتابه الخاتم الناسخ المهيمن، وهو المستعان.
ـ[عبد العليم محمد إسماعيل]ــــــــ[06 - 06 - 2010, 09:56 م]ـ
الحديث عن ظاهرة ضعف العربية عند أساتذة العربية في الجامعات موضوع يحتاج إلي وقفة معرفية؛ لأن أبعاد الموضوع متعددة، أهمها: الموقف الرسمي للأنظمة العربية من حسم خيار التعليم باللغة العربية، إعداد معلم اللغة العربية لغوياً ومهارياً ومعرفياً، إيجاد خيارات مغرية لمختصي العربية في وظائف متنوعة؛ وذلك بتصميم مناهج تعليم تحقق ذلك، كأن يشمل البرامج كتابة وإعداد البرامج الإعلامية والحاسوب والعمل الاجتماعي إلخ. ومن جهة أخري تطوير البحث اللغوي والاستماع إلى بعض الآراء التي ذهبت مع أصحابها أو لم تقدّر حق قدرها: "ابن مضاء القرطبي" في رده على النحاة قديماً،"أحمد حاطوم" في دراساته عن أن اللغة ليست عقلاً حديثاً، وغيرهما. تبادل الخبرات بين أساتذة اللغة العربية؛وبخاصةٍ أساتذة الجامعات. الأخذ بيد الشباب اللذين يدرِّسون العربية في الجامعات،وإشراكهم في أبحاث أساتذتهم. تأسيس دور نشر تتبع إلى مجامع اللغة العربية؛ للنشر الدوري للأبحاث والدراسات، على أن يكون الهدف من ذلك تشجيع البحث في العربية وعلومها. تجنب الخمود والركون إلي أبحاث السلف باعتبارها أنجزت مباحث العربية؛ لأن من أعوص مشكلات اللغات مشاكلة العصر، واللغة العربية تحتاج -من متحدثيها -لعب أدوار فاعلة في هذا المنحي. وأرى وجوب عقد لقاء سنوي يكون مهرجاناً، وذلك في جميع محاور اللغة، على أن تكون لكل جماعة مختصة أوراق بحث في مناقشة مشكلة معاصرة؛ ويكون كل محورٍ في دولة، مثلا: اللسانيات في قطر؛ وتستمر لمدة شهر، يليها الأدب في المغرب؛ويستمر _كذلك -شهراً، وهكذا حتى تُغطَّى جميع محاور العربية، على أن تتخلل هذه الفاعليات احتفالات تنبه جماهير الأمة العربية للحدث، ومشاركة وسائل الإعلام في ذلك بتخصيص مساحة واسعة لمحاور العربية والإعلام ... إلخ
*ملحوظة: هذه النجوى وردت دون إعداد مسبق، ولا أزعم أنها لامست عمق القضية، وإنما هي محاولة لإبداء وجهة نظري باعتباري مشاركا في الهمِّ؛ وبصفتي أستاذاً جامعياً يدرِّس الأدب والنقد.
د. عبد العليم محمد إسماعيل
كلية الآداب - جامعة كردفان - السودان
¥