ـ[رائد]ــــــــ[13 - 04 - 2009, 02:40 م]ـ
(العربية) عند مدرسي (اللغة) في الجامعات
كوثر حمزة
الرأي - 10/ 04/2009
لم يقف ضعف اللغة العربية عند طلبة المدارس والجامعات، واصحاب التخصصات الأخرى، بل بلغ الأمر من الخطورة أنه انسرب الى اهلها من مدرسي العربية وطلبة اللغة في الجامعات. أكاديميون وصفوا ظاهرة ضعف اللغة العربية لدى أكاديميين متخصصين فيها انها كارثة حقيقية تهدد العربية الفصيحة في أساسها، وشدد آخرون على أن ذلك يهدد الهوية، والوعي والوحدة الثقافية. وكان رئيس الجامعة الأرنية د. خالد الكركي نبه إلى ضرورة العناية باللغة العربية الفصيحة في رسالة موجهة الى الأساتذة في عام اللغة العربية خصوصاً بعد تفشي العامية.
آراء اتفقت أن من أسباب هذا الضعف عدم متابعة التحصيل العلمي بالقراءة والمطالعة ومواكبة كل جديد والوقوف عند حركة المعرفة الاولى، بينما اشار د. ناصر الدين الأسد في لقاء بالرأي، أن من الأسباب شيوع نمط القراءة الصامتة، خصوصا أن ما يميز العربية، انها سماعية. أكاديميون قالوا إن هذا الضعف ينعكس على الخريجين من طلبة الجامعات الذين هم معلمو المستقبل للأجيال اللاحقة.
تاليا آراء حول المشكلة:
يرى د. أحمد أبو دلو أن هناك نوعين من الضعف اللغوي لدى بعض أساتذة العربية، الأول يعرف اللغة لكنه غير قادر على استخدامها، والآخر يعرف اللغة لكنه لا يريد استخدامها. والأخير يرضخ للسياق المحيط ويستسهل الأمر فيقدم مادته بأسلوب ركيك وباستخدام العامية بكثرة معتقدا أن هذا يقربه من طلابه أكثر.
أما النموذج الأول فيفتقد الى المهارة في اللغة فلا يستطيع استخدامها لأنه لم يتدرب على ذلك خلال فترة دراسته حيث لم يطالب بأن يتكلم العربية الفصيحة. ويوضح أن الخطط الدراسية غالبا لا تعتمد على المهارات بل على النظريات المعلومات والأصل أن تعتمد اللغة العربية على المهارة لا على المعرفة لأن من يريد تقديم معرفة لغوية يحتاج لان يملك مهارة في تلك اللغة لا مجرد معلومات فقط. ويؤكد أبو دلو على أن افتقار الخطط الدراسية لمساقات خاصة بفن المحادثة في اللغة العربية الفصيحة يعمق من هوة التواصل اللغوي وتعميق جذور مهارة اللغة العربية.
فاقد الشيء لا يعطيه بهذه العبارة اختصر أبو دلو الآثار المترتبة والتي أكد على أن هذا الضعف في المدرس ينتج طلبة لا يمتلكون مهارة حقيقية في اللغة وهؤلاء هم معلمو المستقبل. ويقول أتنبأ بكارثة تهدد اللغة العربية.
واختتم أبو دلو بأن الأمة العربية بحاجة إلى تعزيز ثقافة العربية الفصحى وتقويمها وتدعيمها في وسائل الإعلام. د. عبد العزيز طشطوش توقف عند اسباب الظاهرة، مشيرا الى أن الأخطاء اللغوية المكتوبة والمنطوقة لدى بعض أساتذة اللغة العربية ظاهرة ملاحظة ولكن مسكوت عنها، ومن أهم أسبابها اتخاذ الأستاذ مهمته كوظيفة وليس كباحث أكاديمي ومعلم للأجيال.
ويرى أن من الأسباب أيضا دراسة البعض للعربية دون رغبة ودافع داخلي. وهذا يكمل دراساته العليا غير متسع في فضاء اللغة العربية فيكتفي بالحفظ لا الفهم والمتابعة.
ويضيف أن ضعف اللغة العربية وقوتها مرتبط بطريقة تفكير الأستاذ وعقليته ومدى إدراكه لخطورة مكانه واثره. وقال د. طشطوش: إن مثل هذا النوع من الاساتذه لا يتحكم في دفة السفينة فلا يستطيع التعبير عن معلوماته بشكل واضح ويعجز عن تقديم معلومات جديدة لطلابه ويحدث خللا في لغة الطلاب ويكتفي بمخزونه اللغوي الاول دون محاولة تطويره.
ويقف وراء ذلك أن بعضهم يكمل دراساته العليا في جامعات غربية فيأخذ العربية بقالب غربي، ويقدم هذا القالب إلى طلابه بنوع من الاستعراض اللغوي، ويوهم طلابه بأنه مثقف بينما هو يقدم المصطلح بلغة غير عربية.
ويرى د. عبد الحميد الاقطش أنها مسألة تفاوت في مستوى التحصيل العلمي والفكري وليست مسألة ضعف وهذا التفاوت يعتمد على ثقافة الفرد واستمرارية متابعة التحصيل العلمي وتنمية قدرات المطالعة ومواكبة كل حديث في العربية وعدم الوقوف عند حركة المعرفة الأولى.
ويؤكد الاقطش الرأي السابق في أن معايير اجتماعية وتقييمية تدخل في وضع الرجل غير المناسب في مكان مناسب. ذلك أن هناك من ينخرطون في إطار التدريس من حاصلي الدرجات العليا لا يصلحون للتدريس لحصولهم على شهادات لا يستحقونها. ويرى الأقطش أن أستاذ العربية المتنوع في أساليبه والمتمكن من مادته ولغته يكون أكثر استعدادا لقبول الآراء المختلفة حيث يكون مطلعا وقارئا وعارفا فيتلقى وجهات النظر الجديدة برحابة صدر على عكس من تكون عربيته، ضعيفة وغير واثق من نفسه فيحاول أن يغلط الأفكار والآراء المخالفة مع أفكاره ظنا منه أنها على خطأ رغم أنها قد تكون صحيحة وهنا تلعب ثقافة الفرد دورها في أن يكون أكثر عطاء وتفاعلا مع المحيط وأقدر على التحليل تجعله مستشارا في تخصصه.
ويشير إلى أن أستاذ اللغة العربية قليل الثقافة يؤثر سلبا على مستوى طلابه ويضعف لغتهم ويقلل المصداقية وقبول الرأي بينه وبين تلاميذه، ويرى أن هذا النوع من الأساتذة يتهرب من الأسئلة ويميل إلى العزلة والانطواء ويضيق ذرعا بوقته. وعكسه من كان ممتلئا في مادته محيطا بها فهو يستثمر الوقت ويتقبل الأسئلة ومستعد للعطاء.
¥