ملتقي اهل اللغه (صفحة 6048)

الغروري: بعدما ثبت لي أن العربية أصل اللغات، أثار حفيظتي اتهام القرآن الكريم بأن به ألفاظا أعجمية وأن العربية افتقرت إلى غيرها من اللغات، وتساءلت هل عجزت لغة القرآن عن أن توفي أهلها وتسعفهم بما يحتاجون من تعبيرات وألفاظ تعبر عن أغراضهم؟ كيف والمنزل عليه القرآن هو رسول عربي، والمنزل إليهم القرآن هم أمة عربية؟!

إن قضية مدعي وقوع المُعَرَّب في القرآن الكريم تجلت في عصر الدولة العباسية انتقاما من سلوك الدولة الأموية التي فرقت بين المسلم العربي والمسلم الأعجمي، الأمر الذي من شأنه دفع كثير من جمهرة العلماء إلى معالجة هذه القضية بدون تقعيد علمي أو منهجي، تحببا لحكام الدولة العباسية.

إن كتاب الله حجة على جميع المعاجم، لأن الله تعالى قال في كتابه العزيز في سورة النحل الآية 103 "ولقد نعلم أنهم يقولون إنما يعلمه بشر، لسان الذي يلحدون إليه أعجمي وهذا لسان عربي مبين".

الآلاف من خريجي الأزهر جميعا ينادون أن هناك 165 لفظا أعجميا في القرآن الكريم، وكثير من العلماء يقول بذلك لأنهم حين حاولوا اشتقاقها من العربية لم يستطيعوا فقالوا أصلها أعجمي وهو ما أنادي بضده، وقمت بوضع كتاب بعنوان "خلو القرآن الكريم من الألفاظ العجمية" أثبت من خلاله عربية 57 مفردة ويتناول الجزء الثاني من الكتاب باقي المفردات.

فمثلا لفظ "سندس" تعني ضرب من رقيق الديباج كما جاء في المعجم الوسيط، ولكن منهج التنسيل العربي أثبت أنه منحوت من الأصلين العربيين سند + سن، أما (السند) معناها ضرب من الثياب أو البرود اليمانية، ويصبح (السن) هو المصور مثل الحمأ المسنون أي الحمأ المصور ويصبح السند الخضر، كما جاء بكتاب الله عز وجل "من سندس خضر وإستبرق" وبعد دمج حرفي النون للاختصار يصبح اللفظ سندس عربيا أصيلا.

عودة الكتاتيب

محيط: بم تفسر تهافت الآباء على إلحاق أبنائهم بالمدارس الأجنبية؟

الغروري: هذا من مظاهر العبودية التي تحيا فيها الأمة العربية، أتساءل هل يُرضي الآباء أن يتحدث أبنائهم اللغات كلها ولا يعرفون شيئا عن لغتهم العربية، يكفي أن نعرف أنه في دول مثل فرنسا وألمانيا لا يتعلم الطفل لغة أخرى قبل بلوغه 10 سنوات، أما نحن فنعلم طفلنا اللغات الأجنبية من سن 6 سنوات وقبل ذلك في بعض الأحيان.

محيط: حذرت اليونسكو مؤخرا من انقراض بعض اللغات هل ترى أن العربية تسير نحو الانقراض؟

الغروري: لا يمكن أن يحدث هذا للغة القرآن، اليونسكو طالبت بحماية اللغة الأم وتفعيل قانون لها، فالعربية لا يمكن أن تنقرض.

http://www.moheet.com/image/54/225-300/540460.jpg

محيط: كيف نعيد للعربية رونقها؟

الغروري: بإعادة الكتاتيب مرة أخرى، أي بالعودة إلى القرآن الكريم وتحفيظه لأنه مدخل أساسي للغة العربية.

فالفصحى يجب أن تكون أساسية في المذياع والمرئي والاجتماعات الرسمية والتدريس في الجامعات والمدارس، ومقاطعة العامية داخل الفصل الدراسي. ويكفي أن نعرف أن اللغة العربية هي أسهل من باقي اللغات الأخرى، فالأزمنة في العربية ثلاثة ولكنها في الإنجليزية مثلا 12 زمنا.

إحياء اليهود للعبرية

محيط: لماذا يحيي اليهود لغتهم العبرية رغم عدم أصالتها وندفع نحن بلغتنا إلى القبر؟

الغروري: لأن الكيان الصهيوني فهم جيدا أن الفرق بيننا وبينهم هو اللغة ولكي يقيم نفسه وقوميته أحيا لغته من العدم ومنع العامية في بلده، وحرم تدريس أي مادة إلا بالعبرية الفصحى، وهكذا نجد هناك ست جامعات إسرائيلية في قائمة الجامعات العالمية بينما تخلفت الجامعات المصرية عن هذا الركب.

أيضا دافع الكيان الصهيوني عن لغته ولم يكتب كمبيوتر وكتب حاشوب بدلا من حاسوب لأنهم لا يفرقون بين السين والشين فهو بصدد لغة جديدة وقومية جديدة. فيقولون على السبع شبع، وعلى العشرة عسرة، محاولة لمخالفة اللغة العربية.

محيط: هل ترى أننا أصبحنا أمة مهزومة ثقافيا وتحديدا لغويا؟

الغروري: بالتأكيد، نحن مهزومون لأننا أمة غير منتجة، نحن سبب في أننا هزمنا لغتنا، الرئيس الفرنسي السابق شيراك قال: عرض الفرنسي هو لغته، وأقال وزير في حكومته لأنه أخطأ في كتابة خطاب. ولذلك تزدهر اللغة الفرنسية.

علينا أن نعود إلى القرآن لنقرأ فيه قول الله تعالى: " .. الذين آمنوا وعملوا الصالحات" آمنوا بالغيب وعملوا في الدنيا، أن أعمل جيدا لنهضة مجتمعي، عليّ أن أزرع القمح ولا أتسوله حتى أملك قراري وحريتي.

محيط: ما هو جديدك الذي تعكف عليه الآن؟

الغروري: اجتهادي كله لتبرئة القرآن من الأعجمية ولذلك سأنشر الجزء الثاني من كتابي حول هذا الموضوع. وأدرس الآن علم أصول المفردات لأننا نجد في المعجم بعض الألفاظ التي لها أكثر من معنى واحد مثل مفردة سرب التي تعني جماعة من الطيور، أو النساء الجميلات، أو النخل أو الأغنام. وأنا أبحث في أصل هذه المفردة وتبينت أن كل معانيها تدل على المكاسب وهكذا سأفعل مع باقي المفردات. لأن اللغة العربية لغة تفسر نفسها بنفسها بل وتفسر باقي اللغات أيضا.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015