ملتقي اهل اللغه (صفحة 5951)

مع فضاء العولمة الذي أباح سُبل التواصل مع مختلف الحضارات بدون حدود، وهو ما سمح بعمليات الانصهار والاندماج للثقافات بدون حدود كذلك ومن نتائجه ما تحدثت عنه آنفًا بالفرانكو آرب، ولا أطالب هنا بغلق باب العولمة، لا لأنه ليس في الإمكان ذلك ولكن لأنه ليس من المعقول أن نصلح الخلل بخللٍ آخر بأن ننغلق على أنفسنا في عالمٍ لم تعد تفصل بين أقطاره المسافات، ولذلك علينا أن نركز على جهود التوعية في الأساس على النشأ البكر وهذا يكون في جماعة الأسرة إذ أنها هي المعقل الأول للتربية, وبصلاح منهجها يصلح النبت حتى وإن مرضَ فعلاجه يسيرٌ حينها.

ومن ثم يكون دور المدرسة والجامعة, والأخيرة تحمل قدرًا ليس بالهين لأنها تكون على خط التماس بين دخول الفرد سوق العمل وتوجيه نمط عمله وشخصيته, خاصة مع اتساع رقعة النشاط الطلابي والتواصل الاجتماعي فيها والذي يُساهم في بناء شخصية الفرد. لذلك على الأمة أن تدفع بتعريب العلوم والمقررات بالمدرسة والجامعة، والتعريب لا يلغي أهمية دراسة اللغات الأجنبية، بل إن دراستها تُعد من ركائز الإصلاح للبقاء على تواصلٍ مع الآخر يُحيي العلوم ويُثري المعرفة الإنسانية.

لابد أن ينشط دور أهل اللغة العربية في مؤسسات الدولة, فليس من المعقول أن يخرج منشور أو قرار مليئًا بالأخطاء اللغوية, لذلك نهيب بأنه إن كان ليس من العملي أن نشترط فيمن يتقلد المناصب القيادية في الوطن أن يكون لُغويًا فعلى الأقل ليكن في كل مؤسسة من مؤسسات الوطن مصححٌ لُغويٌ يراجع المذكرات والقرارات ومختلف المواد المكتوبة لتخرج على العامة في ثوبها اللائق بهُوية الوطن.

وعن الإعلام فالوهن والسقم كساه من أخمص قدميه حتى رأسه، والعلاج بحاجة إلي وقت لأن كل مفرداته لا بعضها تحتاج إلى أن تكون في الصورة الصحيحة، وإلى أن يحدث هذا فعلينا الاهتمام بالحلول السابقة كأولوياتٍ تتوالى بعدها السبل المعاضدة لترسيخ هُوية الوطن الحبيب مصر، للحفاظ على تاريخه وعبقه وشخصيته المتفردة بإذن الله.

أحلم باليوم الذي يحرص فيه المواطن المصري -على وجه الخصوص- على اللغة العربية لأنها الدافع الرئيسي لحضارة العرب عبر كل التاريخ، وفي صلاح عودها قوةٌ ونهضةٌ عليها للعرب جميعًا, أقول أحلم باليوم الذي يحرص فيه المصري على الولاء المطلق للغته العربية الفصيحة بوازعٍ من الخوف على الوطن من أن تَندثر هُويته باندثار لغته.

كما أعترف بأن القصور يملك لساني وقلمي العربي الفصيح أنا أيضًا، لكن يبقى أني مع اعترافي بالتقصير فأنا مؤمنٌ بجسامة الخطب، وأجتهد في تقويم قصوري لكي أكون ملتزمًا بالدعوة للإصلاح قولًا وفعلًا.

وأختم حديثي بقول أمير الشعراء أحمد شوقي:

يُجامِلُكَ العُربُ النازِحون ** وَما العَرَبِيَّةُ إِلّا وَطَن

وَيَجمَعُ قَومَكَ بِالمسلِمينَ ** عَظيمَ الفُروضِ وَسَمحُ السُنَن

وَأَنَّ نَبِيَّهُمُ واحِدٌ ** نَبِيُّ الصَوابِ نَبِيُّ اللَسَن

هوامش

*1 - هو الاسم الذي يطلقه العرب على لغتهم، معجم لسان العرب في مادة (ض ود)، www.lesanarab.com (http://www.lesanarab.com)

*2 - موقع منظمة الأمم المتحدة، www.pfcmc.com/ar/events/motherlanguageday (http://www.pfcmc.com/ar/events/motherlanguageday)

*3 - موسوعة ويكيبيديا، www.arz.wikipedia.org/wiki (http://www.arz.wikipedia.org/wiki)

*4 - محاضرة للأستاذ / فاروق شوشه - أمين مجمع اللغة العربية بالقاهرة بعنوان: موقف المجامع اللغوية من خطاب اللغة العربية في الإعلام العربي - بتاريخ 18 ربيع الأول 1431هـ الموافق 4 مارس 2010م

*5 - موقع المؤسسة بتاريخ 10 - 6 - 2009، (#)

*6 - توجد نسخة منشورة للبحث على موقع مجمع اللغة العربية المصري، www.arabicacademy.org.eg (http://www.arabicacademy.org.eg)

*7 - لمعرفة المزيد عن الأستاذ حسن الزيات يُرجى زيارة (#)

سبق ونشرت المقال (#)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015