ـ[ابو عبد الرحمن الرويني]ــــــــ[05 - 11 - 2013, 03:38 ص]ـ
الحمد لله والصلاة علي نبيه وآله وبعد,,,,,,
فإني رأيت في عصرنا هذا سبلا شتي في افهام العلوم وايضاحها وتبسيطها للطالب, والمستفيد.
فمنهم من يعمد إلى المتون فيسبط عباراتها, ويحل مربوطها, ويسهل معقود مسائلها, ويميز بين راجحها ومرجوحها وقويها وضعيفها حتي يخلصَ إلى فوائد المتن ودرته فيفيد منه الذكي أتم فائدة, وينتفع منه من هو دون ذلك.
ومنهم من يعمد إلى مسائل العلم مفردة دون متون ,فيكثر من التسبيط والتسهيل والتقسيم ,ثم يورد ما شذ في المسائل وما أشكل منهم حتي يأتي علي غالب مسائل العلم الواحد مرتبة أوغير مرتبة ولعل هذا ما نراه في طريقة تدريس ومدارسة كتب المتأخرين والمعاصرين وخاصة في المدارس النظاميه والجامعات وما أشبه.
والشارح في كلا الطريقتين إما أن يكون مقتصدا, أو مستقصيا للعلم ومسائله.
والانكار على طريقة واحد منهما تكلف ومبالغة لا فائدة منها سوى التشويش والإعطاب.
إذ مقصود الشارح مهما كان أن يوصل العلم إلى المتعلم ليعمل به علي وجه صحيح.
ولابد للمعلم والمتعلم علي وجه سواء أن يعلم بأن طريقة الإفهام في علوم الشريعة تخلتف لإختلاف العلوم, وهذا مايقع فيه كثير من الشراح فيعمد إلي شرح العلوم بطريقة واحدة ولعله يدرك ,ولكنه لم يعلم أن كل علم يطلب قدرا من الإفهام, فإن زاد عليه َفَسَدَ ولم يُفهِم, وإن قلل فيه أخل ولم يفهم.
وعليه فإن العلوم الخادمة كالنحو والصرف وعلوم العربية والأصول في الفقة والحديث والتفسير والمنطق ,تختلف في طريقة إفهامها عن العلوم المخدومة كالاعتقاد والفقة والتفسير والحديث والتاريخ وغيرها.
ولقد أجاد وأفاد العلامة المؤرخ عالم الاجتماع العربي عبد الرَّحمَن بن خلدون في كتابه المقدمة حيث عقد فصولا في التعليم والتعلم أنقل ما قاله لما فيه من فائدة وبركة فاقرأه وعِه ولا تمل "قال- رحمه الله- "اعلم ان العلوم المتعارفة بين اهل العمران على صنفين علوم مقصودة بالذات كالشرعيات من التفسير والحديث والفقه وعلم الكلام , وكالطبيعيات والالاهيات من الفلسفة , وعلوم هي آلية وسيلة لهذه العلوم كالعربية والحساب وغيرهما للشرعيات , وكالمنطق للفلسفة , وربما كان آلة لعلم الكلام والأصول على طريقة المتأخرين.
فأمَّا العلوم اللتي هي مقاصد فلا حرج في توسعة الكلام فيها وتفريغ المسائل واستكشاف الأدله والأنظار فإن ذلك يزيد طالبها تمكنا في ملكته وإيضاحا لمعانيها المقصوده.
وأما العلوم التي هي آلة لغيرها مثل العربيية والمنطق وأمثالها فلا ينبغي أن ينظر فيها إلا من حيث هي آلة لذلك الغير فقط ولا يوسع فيها الكلام ,ولا تفرع المسائل لأن ذلك مخرج لها عن المقصود ,إذ المقصود منها آلة له لا غير فكلما خرجت عن ذلك خرجت عن المقصود وصار الاشتغال بها لغوا مع ما فيه من صعوبة الحصول على ملكتها بطولها وكثرت فروعها , وربما يكون ذلك عائقا عن تحصيل العلوم المقصودة بالذات لطول وسائلها , مع ان شأنها اهم والعمر يقصر عن تحصيل الجميع على هذه الصورة , فيكون الاشتغال بهذه العلوم الآلية تضييعاً للعمر وشغلا بما لا يعني , وهذا كما فعل المتأخرون في صناعة النحو وصناعة المنطق وأصول الفقه ,لأنهم أوسعوا دائرة الكلام فيهاوأكثروا من التفاريع والاستدلالات بما أخرجها عن كونها آلة وصيرها من المقاصد وربما يقع فيها انظار لا حاجة بها في العلوم المقصودة فهي من نوع اللغو , وهي أيضا مضرة بالمتعلمين على الإطلاق.
لأن المتعلمين اهتمامهم بالعلوم المقصودة اكثر من اهتمامهم بوسائلها ,فإذاقطعوا العمر في تحصيل الوسائل فمتى يظفرون بالمقاصد؟!
فلهذا يجب علي المعلمين لهذه العلوم الآلية أن لا يستبحروا في شأنها وينبهوا المتعلم علي الغرض منها, ويبقوا به عنده فمن نزعت به همته بعدذلك إلي شىء من التوغل فليرق له ما شاء من المراقي صعبا أو سهلا وكل. ميسر لما خلق له". أهـ كلامه -رحمه الله-
أما عن تعلم النحو وتعليمه فهو من أشرف علوم الأصول , ولا ينضبط الفرع إلا بانضباط أصله
وكل العلوم وأجلها تقوم علي فهمه وتحقيق مسائله ومعرفة أوجه الكلام
¥