ملتقي اهل اللغه (صفحة 5857)

ـ[فيصل المنصور]ــــــــ[28 - 08 - 2011, 11:07 م]ـ

أخي الحبيب/ خاليدو

لعلك لو رجعتَ النظرَ إلى المقال، لرأيتَ أني لم أقصر السبيلَ إلى البيانِ على معرفة الألفاظ. وإنما ذكرتُ إلى جنب ذلكَ المعانيَ، والأساليبَ. علَى أن للألفاظِ مكانةً لا تُنكَر، فمِن الناسِ مَن يكون لديه المعنَى، ولكنّه لا يجِد اللفظَ الفصيحَ المناسِبَ الذي يصِفُه حقَّ وصفِه. فهو لذلك مُحتاجٌ من الألفاظ إلى ما يستوعِبُ عامَّة المعاني، ودقائق الأشياء.

ـ[خاليدو]ــــــــ[02 - 09 - 2011, 12:52 ص]ـ

أخي فيصل:

ما كنت أرمي إليه ولم يسعفني التعجل في تبيينه، أن علم التربية وتعليمية اللغات والتمكن منها، يوصي بأن يكون التعويل على التراكيب والجمل أولاً، ثم يأتي التركيز على الألفاظ ثانياً، فلو حفظ الواحد منا كل مواد المعاجم العربية، لما أتاح له ذلك أن يكون بيانياً فصيحا.

ـ[يوسف خطاب]ــــــــ[09 - 10 - 2011, 07:38 ص]ـ

وأنا أنصح للمبتدئ الذي يبتغي عِلْمَ اللغةِ أن يقرأ أولاً (مختارَ الصحاح)، ثمَّ ينتقل إلى (إصلاح المنطق)، ثمَّ إلى (فقه اللغة) للثعالبي. وليَدع (الفصيح)، و (الكفاية).

[هذه الكتب صالحة لطالب اللغة. أمَّا طالب البيان، فقد بيَّنتُ ما يناسِبه في أصل المقال]. هلا بينت لي الفرق بين طالب اللغة وطالب البيان؟

وجزاك الله خيرا

ـ[فيصل المنصور]ــــــــ[09 - 10 - 2011, 01:22 م]ـ

فرقُ ما بينهما أنَّ طالبَ اللُّغة لا بُدَّ له من أن يحِيطَ بجمهورِ ألفاظِها، لا يُخِلُّ بشيءٍ من جذورِها، وموادِّها، ثمَّ تكون إحاطتُه بها إحاطةَ ضَبطٍ، وإتقانٍ. ومن أجلِ أن يبلغَ هذه الغايةَ فإنَّه محتَاجٌ إلَى أن يقرأ معجَمًا كامِلاً حتَّى يأمَن به فواتَ شيءٍ من ما لا يستغنَى عنه.

ويستحسَن له أن يبدأ بمعجَمٍ موجَزٍ، ثمَّ يترقَّى إلى ما هو أكبرُ منه ليكونَ أرْفَقَ به، وأكثرَ إسعادًا على جودةِ الحفظِ، وثباتِه.

وأما طالِبُ البيان، فإنّه لا يجِب عليه أن يحيطَ بألفاظِ العربيَّة، فيقرأَ معجمًا كامِلاً، وإنَّما الرأيُ له أن يتصفَّح معجمًا كبيرًا، ثمَّ ينتخِلَ لنفسِه من الألفاظِ ما يسعِفُه في كلامِه، ويترجِم عن ما في صدرِه. ولذلكَ كانَ من المُهِمِّ أن يكثِر من القراءةِ في كتبِ غريب الحديثِ، وفي معاجِم المعاني، لأنَّها إنما ألِّفت لهذا الشأن الذي قصَد إليه.

ـ[ابن تاشفين]ــــــــ[10 - 10 - 2011, 11:40 ص]ـ

يقول ابن الأثير رحمه الله (من أحَبَّ أن يكونَ كاتبًا، أو كان عندَهُ طَبْعٌ مُجِيب، فَعَلَيْهِ بحفظِ الدَوَاوينِ ذَواتِ العَدَدِ، ولا يَقنَع بالقَليْلِ من ذلك، ثم يأخُذ في نَثْرِ الشِّعرِ من محفُوظَاتِهِ، وطريقُهُ أن يَبْتَدِئَ فَيَأخُذ قَصِيْدًا من القَصائِدِ، فيَنْثُرهُ بَيْتًا بيتًا على التوالي، ولا يستَنْكِف في الابتداء أن يَنْثُرَ الشِّعر بألفَاظِهِ أو بأكْثَرِهَا، فإنه لا يستطِيعُ إلا ذلك، وإذا مَرِنَتْ نَفْسُهُ وتَدَرَّبَ خاطِرُهُ ارتفَعَ عن هذه الدرجَةِ، وصارَ يأخُذُ المعنى ويَكْسُوهُ عِبَارَةً من عِنْدِهِ، ثم يَرتَفِعُ عن ذلك حتى يكسُوهُ ضُروبًا من العِبَاراتِ المختَلِفَةِ، وحينئذٍ يحصُلُ لخَاطِرِهِ بِمُبَاشَرَةِ المَعاني لقاحٌ، فيستَنْتِجُ منها مَعَانِيَ غيرَ تلك المعانِي، وسبيلُه أن يُكثِرَ الإدْمَانَ لَيْلاً ونَهارًا، ولا يَزَالُ على ذلك مدَّةً طويْلةً، حتى يصيرَ له مَلَكة، فإذا كَتَبَ كِتابًا أو خَطَب خُطبَةً تدفَّقَت المعَاني في أثناءِ كَلامِهِ، وجاءَت ألفاظُهُ مَعْسُولَةٌ لا مَغْسُولَة، وكان عليها حِدَّةٌ حتى تكاد ترقُصُ رَقصًا، وهذا شيءٌ خَبَرتُهُ بالتَّجْرِبَةِ، ولا يُنَبِئُك مِثْلُ خَبِيْر)

ـ[يوسف خطاب]ــــــــ[12 - 10 - 2011, 02:43 م]ـ

أنا الآن سارٍ علي السبيل الذي رسمتَ سبيلِ البيان، ولكن في أي مرحلةٍ أبدأ في نثر الشعر وحلِّه؟

ـ[فيصل المنصور]ــــــــ[15 - 10 - 2011, 10:49 م]ـ

خيرٌ لكَ من حلِّ الشِّعر أن تكرِّر الكلامَ البليغَ مراتٍ كثيرةً رافِعًا بذلكَ صوتَك، ثم تسجِّلَه في شريطٍ، وتدمِن الاستِماعَ إليه.

وفَّقَك الله.

ـ[أحمد بن حسنين المصري]ــــــــ[07 - 11 - 2011, 08:51 م]ـ

الحمد لله وحده والصلاة والسلام علي من لانبي بعده وبعد:-

فقد قال (ابن المقفع) في مقدمة كتابه (الأدب الصغير):- " فَإِذَا خَرَجَ النَّاسُ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَهُمْ عَمَلٌ أَصِيلٌ وَأَنْ يَقُولُوا قَوْلاً بَدِيعًا؛ فَلْيَعْلَمِ الْوَاصِفُونَ الْمُخْبِرُونَ أَنَّ أَحَدَهُمْ - وَإِنْ أَحْسَنَ وَأَبْلَغَ - لَيْسَ زَائِدًا عَلَى أَنْ يَكُونَ كَصَاحِبِ فُصُوصٍ وَجَدَ يَاقُوتًا وَزَبَرْجَدًا وَمَرْجَانًا، فَنَظَمَهُ قَلاَئِد وَسُمُوطًا وَأَكَالِيلَ، وَوَضَعَ كُلَّ فَصٍّ مَوْضِعَهُ، وَجَمَعَ إِلَى كُلِّ لَوْنٍ شِبْهَهُ وَمَا يَزِيدُهُ بِذَلِكَ حُسْنًا، فَسُمِّيَ بِذَلِكَ صَانِعًا رَفِيقًا. وَكَصَاغَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ صَنَعُوا مِنْهَا مَا يُعْجِبُ النَّاسَ مِنَ الْحُلِيِّ وَالْآَنِيَةِ. وَكَالنَّحْلِ وَجَدَتْ ثَمَرَاتٍ أَخْرَجَهَا اللهُ طَيِّبَةً، وَسَلَكَتْ سُبُلاً جَعَلَهَا اللهُ ذُلُلاً؛ فَصَارَ ذَلِكَ شِفَاءً وَطَعَامًا وَشَرَابًا مَنْسُوبًا إِلَيْهَا، مَذْكُورًا بِهِ أَمْرُهَا وَصَنْعَتُهَا.

فَمَنْ جَرَى عَلَى لِسَانِهِ كَلاَمٌ يَسْتَحْسِنُهُ أَوْ يَسْتَحْسِنُ مِنْهُ، فَلاَ يَعْجَبَنَّ إِعْجَابَ الْمُخْتَرِعِ الْمُبْتَدِعِ؛ فَإِنَّهُ إِنَّمَا اجْتَنَاهُ كَمَا وَصَفْنَا.

وَمَنْ أَخَذَ كَلاَمًا حَسَنًا عَنْ غَيْرِهِ فَتَكَلَّمَ بِهِ فِي مَوْضِعِهِ وَعَلَى وَجْهِهِ، فَلاَ تَرَيَنَّ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ ضُؤُولَةً؛ فَإِنَّ مَنْ أُعِينَ عَلَى حِفْظِ كَلاَمِ الْمُصِيبِينَ، وَهُدِيَ لِلاقْتِدَاءِ بِالصَّالِحِينَ، وَوُفِّقَ لِلْأَخْذِ عَنِ الْحُكَمَاءِ، فَلاَ عَلَيْهِ أَنْ لاَ يَزْدَادَ؛ فَقَدْ بَلَغَ الْغَايَةَ، وَلَيْسَ بِنَاقِصِهِ فِي رَأْيِهِ وَلاَ غَامِطِهِ مِنْ حَقِّهِ أَنْ لاَ يَكُونَ هُوَ اسْتَحْدَثَ ذَلِكَ وَسَبَقَ إِلَيْهِ."

جزاك الله خيرا شيخنا الفاضل علي هذا المقال الرائع.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015