ملتقي اهل اللغه (صفحة 5747)

الحمدوني وطيلسان ابن حرب

ـ[عائشة]ــــــــ[15 - 06 - 2008, 08:20 ص]ـ

بِسْمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ

الحَمْدُونيّ وطَيلَسَانُ ابنِ حَرْبٍ

ـ ـ،؛، ـ ـ،؛، ـ ـ،؛، ـ ـ،؛، ـ ـ

كانَ أحمدُ بنُ حَرْب المهلَّبي مِن المُنعِمِين على الحمدونيِّ، والمحسنين إليه، ولهُ فيه مدائح كثيرة، فوَهَبَ لَهُ طيلسانًا أخْضَرَ لَمْ يَرْضَهُ؛ قال أبو العبَّاس المبرِّد: فأنشدَنَا فيه عَشْرَ مُقطَّعات، فاستَحْلَينا مَذْهَبَه فيها، فجَعَلَها فَوْقَ الخمسين؛ فطارَتْ كُلَّ مَطَار، وسارَتْ كُلَّ مَسَار.

فمنها قولُه:

يَابْنَ حَرْبٍ كَسَوْتَني طَيْلَسانًا * مَلَّ مِنْ صُحبَة الزَّمانِ وصَدَّا

فَحَسِبْنَا نَسْجَ العَنَاكِبِ قَدْ حَا * لَ إِلى ضَعْفِ طَيْلَسانِكَ سَدَّا

طَالَ تَرْدادُه إلى الرَّفْوِ حَتَّى * لَوْ بَعَثْنَاهُ وَحْدَه لَتَهَدَّى

وقال:

يَا طَيْلَسانَ ابْنِ حَرْبٍ قَدْ هَمَمْتَ بِأَنْ * تُودِي بِجِسْمِي كَمَا أَوْدَى بِكَ الزَّمَنُ

مَا فِيكَ مِنْ مَلْبسٍ يُغْني ولا ثَمَنٍ * قَدْ أوْهَنَتْ حِيلتي أَرْكانُكَ الوُهنُ

فَلَو تَرَاني لَدَى الرَّفَّاءِ مُرْتَبِطًا * كأنَّني في يَدَيْهِ الدَّهْرَ مُرْتَهنُ

أَقُولُ حين رآني النَّاسُ أَلْزَمُهُ * كأنَّما ليَ في حانُوتِهِ وَطَنُ:

مَنْ كانَ يَسْألُ عنَّا أيْنَ مَنزلُنا * فالأُقْحُوانةُ مِنَّا مَنْزِلٌ قَمَنُ

وقال:

قُلْ لابْنِ حَرْبٍ: طَيْلَسَا * نُكَ قَوْمُ نُوحٍ مِنْهُ أَحْدَثْ

أفْنَى القُرُونَ ولَمْ يَزَلْ * عَمَّنْ مَضَى مِنْ قَبْلُ يُورَثْ

وإذَا العُيونُ لَحَظْنَهَ * فكأنَّه باللَّحْظِ يُحْرَثْ

يُودِي إذَا لَمْ أَرْفُهُ * فإذَا رَفَوْتُ فَلَيْسَ يَلْبَثْ

كالكَلْبِ إنْ تَحْمِل عَلَيْهِ الدَّهْرَ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ

وقال:

طَيْلَسَانٌ لابْنِ حَرْبٍ جَاءَني * خِلْعَةً في يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرّ

فإذَا مَا صِحْتُ فيهِ صَيْحةً * تَرَكَتْهُ كَهَشِيمِ المحتَظِرْ

وإذَا ما الرِّيحُ هَبَّتْ نَحْوَهُ * طَيَّرَتْهُ كالجَرَادِ المنتشِرْ

مُهْطِعُ الدَّاعِي إلى الرَّافي إذا * ما رآهُ قال: ذَا شَيْءٌ نُكُرْ

وإذَا رَفَّاؤه حاوَلَ أنْ * يَتَلافَاهُ تَعَاطَى فعَقَرْ

وقال:

أَيَا طَيْلَسَانِيَ أعْيَيْتَ طِبِّي * أَسُلٌّ بِجِسْمِكَ أَمْ دَاءُ حُبِّ؟

ويا رِيحُ صَيَّرْتِني أتَّقيكِ * وَقَدْ كُنتُ لا أتَّقي أنْ تَهُبِّي

ومُسْتَخْبِرٍ خَبَرَ الطَّيلَسَان * فقُلْتُ لَهُ: الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي

وقال فيه:

يَابْنَ حَرْبٍ أطَلْتَ فَقرِي برَفْوي * طَيْلَسانًا قَدْ كُنتُ عنهُ غَنِيّا

فَهْوَ في الرَّفْوِ آلُ فِرْعَوْنَ في العَرْ * ضِ علَى النَّارِ غُدْوةً وعَشِيّا

زُرْتُ فِيهِ مَعَاشِرًا فازْدَرَوْني * فتغنَّيْتُ إذْ رَأَوْني زَرِيّا:

جِئْتُ في زِيِّ سَائلٍ كَيْ أَرَاكُمْ * وَعَلَى البابِ قَدْ وَقَفْتُ مَلِيّا

وقال:

وَلي طَيْلَسَانٌ إنْ تأمَّلْتُ شَخْصَهُ * تيقَّنْتُ أنَّ الدَّهْرَ يَفْنَى وينقَرِضْ

تَصَدَّعَ حتَّى قَدْ أَمِنْتُ انصِداعَهُ * وأَظْهَرَتِ الأيَّامُ مِنْ عُمْرِهِ الغَرَضْ

كأنِّي لإشْفاقي عَلَيْهِ مُمَرّضٌ * أخَا سَقَمٍ مِمَّا تَمادَى بِهِ الْمَرَضْ

فَلَوْ أنَّ أَصْحَابَ الكلامِ يَرَوْنَهُ * لَمَارَوْكَ فِيهِ وادَّعَوْا أنَّهُ عَرَضْ

وقال فيه:

لِطَيْلَسَانِ ابْنِ حَرْبٍ نِعْمةٌ سَبَقَتْ * بِهَا تَبيَّنَ فَضْلي فَهْوَ مُتَّصِلُ

قد كُنتُ دَهْرًا جَهُولاً ثُمَّ حنَّنَني * عَلَيهِ خَوْفي مِنَ الأقوامِ إنْ جَهِلُوا

أظلُّ أجْتَنِبُ الإخْوانَ مِنْ حَذَرٍ * كأنَّما بِيَ جُرْحٌ لَيْسَ يَندَمِلُ

يا طيلسانًا إذا الألحاظُ جُلْنَ بهِ * فَعَلْنَ فِعْلَ سِهامٍ فِيهِ تَنْتَضِلُ

لَئِن بَلِيتَ فَكَمْ أَبْلَيْتَ مِنْ أُمَمٍ * تَتْرَى أَبَادَتْهُمُ أيَّامُكَ الأُوَلُ

وَكَمْ رَآكَ أخٌ لي ثُمَّ أنشدَني: * وَدِّعْ هُرَيْرَةَ إنَّ الرَّكْبَ مُرْتَحِلُ

وقال فيه:

يابْنَ حَرْبٍ كَسَوْتَنِي طَيْلَسَانًا * أَمْرَضَتْهُ الأَوْجاعُ فَهْوَ سَقيمُ

فإذَا مَا لَبِسْتُهُ قُلْتُ: سُبْحا * نَكَ مُحْيِي العِظامِ وَهْيَ رَمِيمُ

طَيْلَسانٌ له إذا هَبَّتِ الرِّيـ * ـحُ عليهِ بِمَنْكِبَيَّ هَميمُ

أَذْكَرَتْنِي بَيتًا لِحَسَّانَ فِيهِ * حُرَقٌ للفُؤَادِ حِينَ أَقُومُ:

لَوْ يَدِبُّ الحَوْلِيُّ مِنْ وَلَدِ الذَّرْ * رِ عَلَيْهَا لأَندَبَتْهَا الكُلُومُ

وقال أيضًا:

يَا قاتَلَ اللهُ ابنَ حَرْبٍ لَقَدْ * أَطالَ إتعابِي عَلَى عَمْدِ

بطَيْلَسَانٍ خِلْتُ أنَّ البِلَى * يَطْلُبُهُ بالوِتْرِ وَالحِقْدِ

أَجدُّ في رَفْوِي لَهُ، والبِلَى * يَلهُو بِهِ في الهَزْلِ والجِدِّ

ذكَّرَني الجنَّةَ لَمَّا غَدَا * أَصْحَابُها مِنْهَا عَلَى حَرْدِ

إنْ أتْهَمَ الرَّفَّاءُ في رَفْوِهِ * مَضَى بِهِ التَّمْزِيقُ في نَجْدِ

غَنَّيْتُهُ لَمَّا مَضَى رَاحِلاً: * يا وَاحِدِي تَترُكُني وَحْدِي!

وقال أيضًا فيه:

إنَّ ابْنَ حَرْبٍ كَسَاني * ثَوْبًا يُطيلُ انحرافَهْ

أظلُّ أدْفَعُ عنهُ * وأتَّقِي كُلَّ آفَهْ

فَقَد تعَلَّمْتُ مِنْ خَشيتي عَلَيْهِ الثَّقافَهْ

وقال أيضًا:

يابْنَ حَرْبٍ إنِّي أَرَى في زَوايا * بَيْتِنا مِثْلَ مَا كَسَوْتَ جَماعَهْ

طَيْلَسَانٌ رَفَوْتُهُ وَرَفَوْتُ الرَّفْوَ مِنْهُ حتَّى رَفَوْتُ رِقَاعَهْ

فأَطَاعَ البِلَى وصَارَ خليعًا * لَيْسَ يُعْطِي الرَّفَّاءَ في الرَّفْوِ طَاعَهْ

فإذَا سَائِلٌ رَآنِيَ فِيهِ * ظَنَّ أنِّي فتًى مِنَ اهْلِ الضّيَاعَهْ

وقال فيه:

طَيْلَسانٌ لابْنِ حَرْبٍ * يَتَداعَى لا مِسَاسَا

قَدْ طَوَى قَرْنًا فَقَرْنًا * وَأُنَاسًا فأُناسَا

لَبِسَ الأيَّامَ حتَّى * لَمْ تَدَعْ فِيهِ لِباسَا

غَابَ تَحْتَ الحسِّ حتَّى * لا يُرَى إلاَّ قِياسَا

[مُقتطَف مِن كتاب " زَهْر الآداب وثَمَر الألباب "].

طور بواسطة نورين ميديا © 2015