ـ[إبراهيم عوض]ــــــــ[04 - 06 - 2014, 11:41 م]ـ
مع "امرأة خائفة" لسلوى علوان
د. إبراهيم عوض
فى البداية لم أكن أعرف شيئا عن كاتبة الرواية، إذ كانت هذه أول مرة أسمع بهذا الاسم. ثم طالعتنى أنباء متناثرة هنا وهناك فى بعض المواقع والصحف على المشباك فى نفس الموضوع، وكلها صاخبٌ مُصِمٌّ للآذان. وهذا أولا بعض ما وجدته على المشباك (الإنترنت):
"وصلت حالات الإغماء جَرَّاءَ قراءة رواية "امرأة خائفة" للكاتبة سلوى علوان إلى 12 حالة خلال 48 ساعة ... ويُذْكَر أن جميع الحالات أوضحت أنها ستقوم باستكمال قراءة الرواية رغم ما تعرضت له. جاء ذلك وفقًا لحوار أجرته مراسلة قناة "السلام" مع قراء الرواية تحت عنوان "مراسلة قناة "السلام" في حوار مع قراء رواية: امرأة خائفة". القراء: رواية تأخذ العقل، وسنستكمل قراءتها مهما حدث".
والآن نأخذ فى تسجيل ملاحظاتنا على الرواية، وأول ما نود تسجيله ما نقرؤه فى الفصل الأول من كلام كثير ككلام المراهقات المجنح المتميع الذى لا يثير العقل ولا القلب بقدر ما يسبب الملل ويُنْفِد الصبر لكثرة ما فيه من تكرار لا يقدم جديدا ولا يقول شيئا محددا، كما تشوبه المبالغات المقيتة والعبارات الإنشائية العامة. وهو عبارة عن خواطر تجرى فى عقل بطلة الرواية وقت جلوسها مع حبيبها. خواطر سيالة لا يضبطها ضابط ولا يربطها رابط: فخاطرة من الشرق، وخاطرة من الغرب. ويحس القارئ أن الكاتبة تسجل كل ما يخطر لقلمها دون تمييز أو تفكير. وفوق ذلك فأهم ما تقوله يتسم بالتسيب والتصنع، ويتناقض تناقضًا فِجًّا مع سلوكها فى دنيا الواقع. فمثلا هل يعقل أن تنشغل البطلة كل هذا الوقت عن حبيبها الذى تجلس معه على إحدى القهوشيات (الكافتيريات) وتؤكد أنه هو الوحيد الذى أعطى حياتها معنى وأنها كانت تتوق طوال حياتها لذلك اللقاء الذى يضمهما معا، وأنها كثيرا ما حلمت به فى المنام قبل أن تلقاه، هل يعقل أن تنشغل البطلة عن حبيبها هذا فتتركه وتستغرق فى خواطرها الاستطرادية التى لا تكاد تنتهى وتنعدم فيها الفائدة ولا تعرف التجانس؟
وهذا مثال على تلك الثرثرة الطنانة التى لا تغذى العقل ولا الفؤاد، وتظن البطلة مع ذلك، ويظن معها السطحيون والسذج والمتسيبون عاطفيا، أنها قد أتت بالذئب من ذيله. تقول البطلة فى أول صفحة بل منذ أول سطر فى الرواية واصفة لقاءها بحبيب القلب الذى تقول إنها طالما حلمت به فى المنام ولم تتصور يوما أن هذا الحلم سوف يصبح حقيقة: "جلسنا وبيننا طبق للزينة من الكريستال وُضِعَتْ به بضع ورقات ذابلة من الورد المجفف بلون قرمزى داكن، وحولنا انبعثت إضاءة خافتة لمصباح كلاسيكى وصوت هادئ لموسيقى زامفير. سألتُ: كيف تتحول الأحلام والأمنيات المستحيلة إلى صورة من بشر، صورة من لحم ودم، إلى شرايين تضخ النور الذى يبدد ظلام الحياة ويؤجج شوقها ويوقظ رغباتها؟ كيف أصبحتُ فجأة أمام الحلم الذى راودنى فى اليقظة والنوم، الحلم الذى طاردتُه بطول سنوات العمر؟ كيف تأتينى اليوم مثل ترانيم ليلة عيد القيامة أو كأذكار روحانية فى حضرة ليلة صوفية؟ كيف تحققت الرؤيا بلقائك، فأتيت؟ فى تلك اللحظة تذكرت عبارة كتبها نزار قبانى: "الحب جرثومة تدخل دورتنا الدموية فتجعلنا أجمل وأنضر" ... ما كل هذا الشوق الذى تفجر داخلى إليك، وأنت كالمارد أتيت تستنهض روحى وتشعل ثورتى وتبدد حزنى وتجدد أملى فى الحياة؟ تهزنى نبضة تبدأ من القلب وتسير باتجاه المخ على عكس ما تعلمناه طوال عمر دراستنا من أن إشارات جميع أجهزتنا جميعها تبدأ من المخ؟ تمتد النبضة عبر الأوردة لتضخ رغبة ملحة فى خلاياى تبشر بصحوة فى هذا العصر البائس أخشى أن تكون فى واقعها صحوة موت. ووجدتنى فجأة فى حالة من الفرح الاستثنائى والمتعة الاستثنائية والعشق الاستثنائى، فى حالة متناقضة من الحكمة والجنون، من الألم والنشوة، من السعادة والشجن، حالة من الوعى واللاوعى، حالة سببها أنت. وإذا بالمارد الذى أتانى يتعاظم حجمه ووجوده، فيحيطنى أمانا، ويغمرنى أنسا، ويملؤنى نورا، وشعرت بأن كل الناس فيما عداك أشباح تسير فوق الأرض، خيالات بلا ملامح أو معالم أو وجوه، بينما النبض البشرى الوحيد الذى أشعر به هو نبضك أنت، أنت المارد فى الحب، المارد فى القسوة والإيلام. وسألت: كيف
¥