ـ[زاهر]ــــــــ[15 - 06 - 2008, 10:38 ص]ـ
تصحيح خطأ شائع في معنى كلمة رجل
عبد الرحمن بن صالح السديس
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة، والسلام، على قائد الغر المحجلين، نبينا محمد، وآله، وصحبه، ومن تبعه إلى يوم الدين، أما بعد:
فقال الله تعالى {لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُواْ ..} (108) سورة التوبة.
وقال عز وجل {رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ ..} (37) سورة النور.
وقال سبحانه {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ..} (23) سورة الأحزاب.
استنبط بعض الناس من هذه الآيات أن الرجولة صفة حميدة يوصف بها من كان ذو دين، وخلق، ومرؤة، من الذكور، ومن كان سافلا، أو ناقص المرؤة، أو الدين؛ قالوا:
لا تقل رجلا بل هو ذكر!
وهذا الاستنباط مع شهرته، وتلقي كثير من الناس له إلا أنه استنباط باطل!
وهذا الدليل: قال الله تبارك وتعالى {وَنَادَى أَصْحَابُ الأَعْرَافِ رِجَالاً يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيمَاهُمْ قَالُواْ مَا أَغْنَى عَنكُمْ جَمْعُكُمْ وَمَا كُنتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ} (48) سورة الأعراف.
فسماهم رجالا وهم في النار.
وقال تعالى: {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الْإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا} (6) سورة الجن.
فسمى كفرة الإنس، والجن رجالا.
بل أصرح من هذا قول الله تعالى: {إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاء} (81) سورة الأعراف.
وقال عز وجل: {أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاء} (55) سورة النمل.
وقال تعالى: {أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ} (29) سورة العنكبوت.
فسماهم رجالا وهم كفرة، ويُفعل بهم الفاحشة.
وفي لسان العرب 11/ 265: الرجل: معروف: الذكر من نوع الإنسان خلاف المرأة.
<! -- / message -->
ـ[أبو الوليد]ــــــــ[19 - 06 - 2008, 05:43 ص]ـ
جميل، مع أني أرى أن الناس إنما تعارفوا على إطلاق تلك الأوصاف على الرجل عرفًا.
وليس إقرارًا منهم بصحة ذلك لغةً، مع أهمية توضيحه.
وفقك الله.
ـ[فيصل المنصور]ــــــــ[19 - 06 - 2008, 04:46 م]ـ
هذا الكلامُ الذي أوردَه الكاتبُ السديسُ ردًّا على نفيِ الناسِ الرجولةَ عمَّن كانَ ناقصَ المروءةِ، أوِ الدينِ = كلامٌ منقوضٌ. ذلكَ أنَّ الناسَ إنَّما ينفونَ عنهُ معانيَ الرجولةِ وكمالَها، لا حقيقتَها. وهذا مذهبٌ معروفٌ في كلامِ العربِ؛ قالَ سيبويهِ رحمه الله تعالَى: (ومثلُ ذلكَ: مررتُ برجلٍ رجلٍ أبوه، إذا أردتَّ معنَى أنه كاملٌ) [الكتاب 2/ 29 تح هارون].
ولذلكَ نفى النبيُّ صلى الله عليه وسلم عن طائفةٍ من الناسِ الإيمانَ، وأرادَ انتفاءَ كمالِهِ. وهذا بابٌ من البلاغةِ لطيفٌ، دقيقُ المسلَكِ، خفيُّ المأخذِ، لو ابتغيتَ جمعَ شواهدِهِ، لاجتمعَ لكَ منها قدرٌ صالِحٌ. ومنهُ قولُك إذا صادفتَ شعرًا ضعيفًا ساقِطًا: (هذا ليسَ بشعرٍ) معَ أنَّه مستوفٍ شروطَ الشعرِ الواجبةَ من الوزنِ، والقافيةِ. ومنه أيضًا قولُك للكلامِ تُنكِرُه وتستجفيهِ: (هذا ليسَ كلامًا) معَ أنّك لم ترِد إخراجَه من جُملةِ الكلامِ؛ وإنَّما أردتَّ التهوينَ منه، والحطَّ من شأنِهِ. ومنه قولُ شوقي:
ليسَ اليتيمُ من انتهى أبواهُ مِن ... همَّ الحياةِ وخلّفه ذليلا
وقبلَه قولُ عديِّ بنِ الرعلاءِ الغسانيِّ:
ليسَ من ماتَ فاستراحَ بميتٍ ... إنَّما الميْتُ ميِّتُ الأحياءِ
وقد يجوزُ أن يَّكونَ هذا من قَبيلِ حذفِ الصفةِ.
أبو قصي
ـ[أبو سهل]ــــــــ[19 - 06 - 2008, 08:22 م]ـ
إذن لو بيَّنْتَ لنا - حفظك الله - متى يقولُ بهذه الكلمةِ من الذمِّ والحمد وما هي مواضعها.
أبوسهل
ـ[زاهر]ــــــــ[20 - 06 - 2008, 12:04 م]ـ
هذا الكلامُ الذي أوردَه الكاتبُ السديسُ ردًّا على نفيِ الناسِ الرجولةَ عمَّن كانَ ناقصَ المروءةِ، أوِ الدينِ = كلامٌ منقوضٌ. ذلكَ أنَّ الناسَ إنَّما ينفونَ عنهُ معانيَ الرجولةِ وكمالَها، لا حقيقتَها. وهذا مذهبٌ معروفٌ في كلامِ العربِ؛ قالَ سيبويهِ رحمه الله تعالَى: (ومثلُ ذلكَ: مررتُ برجلٍ رجلٍ أبوه، إذا أردتَّ معنَى أنه كاملٌ) [الكتاب 2/ 29 تح هارون].
ولذلكَ نفى النبيُّ صلى الله عليه وسلم عن طائفةٍ من الناسِ الإيمانَ، وأرادَ انتفاءَ كمالِهِ. وهذا بابٌ من البلاغةِ لطيفٌ، دقيقُ المسلَكِ، خفيُّ المأخذِ، لو ابتغيتَ جمعَ شواهدِهِ، لاجتمعَ لكَ منها قدرٌ صالِحٌ. ومنهُ قولُك إذا صادفتَ شعرًا ضعيفًا ساقِطًا: (هذا ليسَ بشعرٍ) معَ أنَّه مستوفٍ شروطَ الشعرِ الواجبةَ من الوزنِ، والقافيةِ. ومنه أيضًا قولُك للكلامِ تُنكِرُه وتستجفيهِ: (هذا ليسَ كلامًا) معَ أنّك لم ترِد إخراجَه من جُملةِ الكلامِ؛ وإنَّما أردتَّ التهوينَ منه، والحطَّ من شأنِهِ. ومنه قولُ شوقي:
ليسَ اليتيمُ من انتهى أبواهُ مِن ... همَّ الحياةِ وخلّفه ذليلا
وقبلَه قولُ عديِّ بنِ الرعلاءِ الغسانيِّ:
ليسَ من ماتَ فاستراحَ بميتٍ ... إنَّما الميْتُ ميِّتُ الأحياءِ
وقد يجوزُ أن يَّكونَ هذا من قَبيلِ حذفِ الصفةِ.
أبو قصي
أخي أبا قصي ليس هناك تعارض بين كلامك وكلام السديس، فما أوردته لا أظن أن أحدا يعارضه ولا حتى كاتب الموضوع السديس فهو لا يتكلم عن الرجولة وانتفائها، وما جاء في مقالة السديس ينفي تخصيص الرجولة لطائفة وانتفائها بالمطلق عن طائفة من باب أن بعض الناس يثورون عندما تطلق صفة الرجولة على منحرف أو فاسق.
وبارك الله فيك أخي الكريم.