ـ[أبو ولاء]ــــــــ[28 - 06 - 2008, 06:41 م]ـ
د. عبدالعزيز الحربي
ما أكثر الكلمات التي يقولها من يقولها تقليدًا لمن يسمع، بلا برهان من العقل، ولا دليل من الشرع، والمقلِّد ذاهل فيما يقلّد عن الحقيقة والصواب، ومن هذا هذه، أعني (أعوذ بالله من قولة أنا)، وهي نوع من التواضع المزخرف، ولا ذنب للفظة (أنا) إلا أنّ إبليس قالها في الاحتجاج على فضله على من خلق من تراب وهو آدم، وذلك حين قال: (أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ)، ولابن القيم تحذير منها ومن كلمة (لي) التي قالها فرعون، و (عندي) قال قارون: (إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي).
قال عبد العزيز: هذه المقولة من البدع اللفظية المعاصرة المتكلّفة؛ لأمور لا تخفى على أولي الألباب. أحدها: أنه لا معنى لأن يستعيذ المرء من لفظة بريئة من السوء والفحشاء في ذاتها، ولا يفهم منها معنى إلا بتركيب .. وهم يقولونها بعد النطق بها، وفي كل سياق حتى لو كان الكلام في خير، بل هو الغالب، بل الواقع يشهد أنها لا تقال إلا قبل كلام حسن.
الثاني: إما أن يكون قائل ذلك صادقا فيما يقول وإما لا يكون، فإن كان صادقا فلا معنى له، وحمد الله على تسديده في القول أولَى، وإن كان كاذبا فاستعاذته تلبيس من تلبيس إبليس.
الثالث: إن كان إبليس قد قال: (أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ) فقد قال النمرود: (أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ) وهو أشد منه، وقال فرعون: (أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى) وهو أفظع منه.
الرابع: قال موسى كليم الله: (وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ)، وقال قبله إبراهيم خليل الله: (وَأَنَا عَلَى ذَلِكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ)، وقال نبينا صلى الله عليه وسلم: (أنا النبي لا كذب)، وإبليس كاذب، ورسل الله صادقون، وهذه المقولة تقال في مقام الصدق لا في مقام الكذب، ولم يقولوها.
الخامس: ما بالهم لا يقولون: أعوذ بالله من كلمة (عندي)، ومن كلمة (لي) وهن ملزوزات في قرَنٍ، وكذلك (نحن) و (إنا) وتاء المتحدِّث؟
السادس: لم تحفظ – فيما نعلم – هذه الجملة عن صاحب من صحب النبي صلى الله عليه وسلم ولا عالم أو فاضل متقدم، ولا يخلو كلام من ينطق باللسان العربي من (أنا) فهل غفلوا عنها أم الخلف أهدى؟
السابع: إن كان في الألفاظ المفردة ما يصح الاستعاذة منه فهو كلمة (لو) التي تفتح عمل الشيطان، وأما (أنا) فبريء مما يقولون!
ـ[أبو العباس]ــــــــ[29 - 06 - 2008, 11:18 ص]ـ
إنما قصَد المستعيذ " أنا " التي تُقال كبرًا ورياءً، لا "أنا" الأداة المجرّدةَ؛ فلذا ترى من يقولها لا يستنكف أن يقول "أنا" الأداة!. بل ربما قال: أنا - وأعوذ بالله من كلمة أنا - كذا .. وكذا .. ومعنى خطابه: أنا المتكلّم (الأداة) وأعوذ بالله من كلمة أنا (التي تقارن الكبر والادّعاء) .. فتأمّل!
ـ[فيصل المنصور]ــــــــ[29 - 06 - 2008, 11:48 ص]ـ
معلومٌ قصدُه يا أبا العبَّاسِ؛ ولكنَّ قصدَه هذا لا يَجوزُ أن يُسلِمَه إلى التبرؤ من هذه الكلمةِ؛ فبعضهم مثلاً يقولُ: (أنا - وأعوذ بالله من كلمة أنا - ذهبتُ إلى كذا، ولقيتُ كذا). وهذا ثِقَلٌ، وكثافةٌ؛ إذْ ليس العيبُ في ذاتِ هذه الكلمةِ؛ وإنما هو في استعمالِها كما استعملَها إبليسُ.
أبو قصي
ـ[أبو حازم المسالم]ــــــــ[02 - 08 - 2008, 03:16 م]ـ
نعم هو ثِقل واضح وتكلف بيِّن، وهو أمر محدث عند إخواننا الكنانيين.
ـ[أ/ محمد الغامدي]ــــــــ[05 - 08 - 2008, 01:56 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاتهبارك الله فيكم ونفع كم واسمحوا لي المشاركة معكم في هذه النافذة. حيث أعتقد أن التعوذ من كلمة (أنا) مستحب، وذلك لأنها الكلمة التي من أجلها عاتب اللهُ سبحانه وتعالى نبيه موسى عليه السلام، حيث كان موسى عليه السلام يخطب في قومه فسأل سائل من أعلم الناس يا موسى؟؟ فقال عليه السلام (أنا) فعاتبه الله عز وجل وقال له هناك من هو أعلم منك. فطلبه موسى حتى قابله، ألا وهو الخضر. والله أعلى وأعلم
ـ[إبراهيم براهيمي]ــــــــ[06 - 08 - 2008, 01:40 ص]ـ
البسملة1
لفتة طيبة منكم الى هذه العبارة التي يكثر شيوعها على الالسن في عالمنا العربي من مشرقه الى مغربه؛ وكما ذهب الاخوة الكرام فإن الضمير الاشاري في ذاته لا يستوجب فعل التعوذ؛ وذلك ما تؤكده الشواهد التي سردها د. الحربي فيما نقله عن ابن القيم من " المناهي اللفظية " التي يوجب الابتعاد عنها اثناء عملية التخاطب في المجتمع المسلم، وأؤيد ماذهب أليه أبو العباس وابو قصي من ان المقصد والمقام وقانون الاستعمال هي التي تقف وراء شيوع وتداول العبارة، وهو ما تركز عليه الدراسات المقاصدية والتداولية.
جد ممتن على طرح هذه الافادة
ـ[أبو حازم المسالم]ــــــــ[06 - 08 - 2008, 01:59 ص]ـ
أعتقد أن التعوذ من كلمة (أنا) مستحب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الاستحباب حكم شرعي لا يثبت إلا بدليل توقيفي، وما ذكرته ليست لها دلالة في هذا الموضع، والله أعلم.
¥