هنا ذو القرنين، قصته فيها عبرة: ملك صالح، مكنه الله في الأرض، وآتاه من كل شيء سببا، ومع هذا لم يطغه الملك. بلغ المغرب، وبلغ المشرق، فتح الفتوح، ودان له الناس، ودانت له البلاد والعباد، ومع هذا لم ينحرف عن العدل، بل ظل مقيما لحدود الله، كما قال لهؤلاء القوم: (أما من ظلم فسوف نعذبه، ثم يرد إلى ربه فيعذبه عذابا نكرا. وأما من آمن وعمل صالحا فله جزاء الحسنى) الكهف:87.
أما من هم هؤلاء القوم، فالقرآن لم يعرفنا عنهم شيئا، ولو كان في معرفتهم فائدة دينية أو دنيوية، لعرفنا ولهدانا إلى ذلك.
كذلك، أين غربت الشمس؟ لم يعرفنا القرآن، وكل ما نعلمه أن ذا القرنين اتجه إلى جهة الغرب، حتى وصل إلى أقصى مكان في الغرب، وهناك وجد الشمس في رأى العين كأنما تغرب في عين حمئة. والحمأ هو الطين المتغير. فكأنما وجد الشمس تسقط في تلك العين الحمئة .. ولو وقف أحدنا عند الغروب على شاطئ البحر، لوجد الشمس كأنما تسقط في البحر أو تغرب فيه، مع أن الحقيقة غير ذلك. فهي تغرب عن قوم لتشرق عند آخرين.
فالمقصود إذن في الآية (وجدها تغرب في عين حمئة) أي فيما يرى الرائي، وينظر الناظر.
ولعل ذا القرنين وصل إلى مكان يتصل فيه النهر بالبحر عند الفيضان كالنيل مثلا حيث يكون ماؤه معكرا يحمل الطين، فإذا غربت الشمس تبدو للناظر كأنها تغرب في عين حمئة .. أو لعلها بركة فيها طين .. لم يحدد القرآن بالضبط، وإنما المقصود أنه ذهب إلى أقصى المغرب. كما ذهب إلى أقصى المشرق. وذهب إلى قوم يأجوج ومأجوج، ومع كل هذا ظل على عدله، وعلى إيمانه بربه، واعترافه بفضل الله عليه، في كل ما يفعله، أقام السد العظيم من زبر الحديد، وغيره، ثم قال: (هذا رحمة من ربي، فإذا جاء وعد ربي جعله دكاء وكان وعد ربي حقا ..) الكهف:98.
هذا هو المقصود، وتلك هي العبرة .. ملك صالح، مكن له في الأرض ومع هذا لم يطغ ولم يتجبر ولم ينحرف. أما التفصيلات، فلم يعن القرآن بها، كما أن السنة لم تبين لنا شيئا من تلك التفصيلات كالزمان، والمكان، والأقوام… وليس في ذلك فائدة مطلوبة، ولو كان فيها هذه الفائدة لذكرها القرآن الكريم.
وإنه لجدير بنا أن نقف عند الذي جاء به القرآن،
والذي جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم.
http://www.burhanukum.com/modules.php?name=News&file=article&sid=78
وردة1 وردة1 وردة1
ـ[المسعودي]ــــــــ[22 - 07 - 2008, 12:46 م]ـ
كذلك، أين غربت الشمس؟ لم يعرفنا القرآن، وكل ما نعلمه أن ذا القرنين اتجه إلى جهة الغرب، حتى وصل إلى أقصى مكان في الغرب، وهناك وجد الشمس في رأى العين كأنما تغرب في عين حمئة. والحمأ هو الطين المتغير. فكأنما وجد الشمس تسقط في تلك العين الحمئة .. ولو وقف أحدنا عند الغروب على شاطئ البحر، لوجد الشمس كأنما تسقط في البحر أو تغرب فيه، مع أن الحقيقة غير ذلك. فهي تغرب عن قوم لتشرق عند آخرين.
هذا التفسير جاء عن مفسرين كثيرين، هل هو آية محكمة أو حديث نبوي صحيح؟ لو كان كذلك، لم أدرجت الآية في كتب تفاسير غريب القرآن؟
الأمانة العامة لهيئة الإعجاز العلمي في كتاب (الإعجاز العلمي تأصيلاً ومنهجًا) تقول: (الإعجاز العلمي هو إخبار القرآن الكريم أو السنة النبوية بحقيقة أثبتها العلم التجريبي وثبت عدم إمكانية إدراكها بالوسائل البشرية في زمن الرسول مما يظهر صدقه فيما أخبر به عن ربه سبحانه وتعالى).
وقد ذكرت أن العلم التجريبي أثبت حقائق غيرت معنى حقيقة الإبصار عند الناس. ولقرون قليلة علماء الفيزياء والبصريات كانوا على رأي متوارث:
كان المتحققون بعلم الطبيعة يرون أن الإبصار إنما يكون من صورة ترد من المبصر إلى البصر منها يدرك البصر صورة المبصر. وكان أصحاب التعاليم متفقين بالجملة على أن الإبصار إنما يكون بشعاع يخرج من البصر إلى المبصر وبه يدرك البصر صورة المبصر، وأن هذا الشعاع يمتد على سموت خطوط مستقيمة أطرافها مجتمعة عند مركز البصر، وإن كل شعاع يدرك به مبصر من المبصرات فشكل جملته شكل مخروط رأسه وقاعدته سطح المبصر.
وقد أثبت العلم التجريبي حقائق غيرت هذا المعنى عند الناس، وثبت عدم إمكانية إدراك المفسرين بالوسائل البشرية لهذا المعنى في عصرهم، وقال الرازي: "الشمس أكبر من الأرض بمرات كثيرة، فكيف يعقل دخولها في عين من عيون الأرض .. (و) أول الليل عند أهل المغرب هو أول النهار الثاني عند أهل المشرق, بل ذلك الوقت الذي هو أول الليل عندنا فهو وقت العصر في بلد، ووقت الظهر في بلد آخر، ووقت الضحى في بلد ثالث، ووقت طلوع الشمس في بلد رابع، ونصف الليل في بلد خامس، وإذا كانت هذه الأحوال معلومة بعد الاستقراء والاعتبار، وعلمنا أن الشمس طالعة ظاهرة في كل هذه الأوقات كان الذي يقال أنها تغيب (حقيقة) في الطين والحمئة كلاما على خلاف اليقين, وكلام الله –تعالى- مبرأ عن هذه التهمة فلم يبق إلا أن يصار إلى التأويل" [التفسير الكبير أو مفاتيح الغيب لابن خطيب الري فخر الدين محمد بن عمر الرازي المتوفى (سنة 606 هـ) , دار الكتب العلمية بيروت (1421) , (ج21ص142).
والدكتور يوسف القرضاوي يقول عن تأويل المفسرين "مع أن الحقيقة غير ذلك."
فما الذي يمنع عن البحث عن تأويل حقيقي يأخذ بعين الإعتبار معنى الإبصار الحقيقي؟
وقد شهدت بنفسك وسيكون بهتانا إذا تراجعت حين قلت:
لا ... هذا القول على هذا الشكل ليس خطأ ... !
ونحن لا نخالفك فيه ما دمت لم تخالف التفاسير المعتمدة ...
إن الخطأ هو في قولك إن "الشمس تغرب في أشعة حمئة"،
لأن فيه خروجا على ما قاله جمهور المفسرين الأوائل الذين
لم يقولوا بهذا القول البديع ... ! وهو ما نختلف عليه ... !
وأجاز المفسرون التأويل، وكان تأويلا غير حقيقي، فما الذي يمنع من التأويل الحقيقي؟
¥