ـ[عائشة]ــــــــ[12 - 12 - 2009, 12:58 م]ـ
البسملة1
قَالَ النَّوَوِيُّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- فِي شَرْحِ صَحِيحِ مُسْلِمٍ:
(وَقَوْله: (زَعَمَ رَسُولُكَ أَنَّكَ تَزْعُمُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَرْسَلَكَ، قَالَ: صَدَقَ): فَقَوْلهُ: (زَعَمَ، وَتَزْعُم) مَعَ تَصْدِيقِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِيَّاهُ: دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ (زَعَمَ) لَيْسَ مَخْصُوصًا بِالْكَذِبِ، وَالْقَوْلِ الْمَشْكُوكِ فِيهِ؛ بَلْ يَكُونُ -أَيْضًا- فِي الْقَوْلِ الْمُحَقَّقِ, وَالصِّدْقِ الَّذِي لا شَكَّ فِيهِ. وَقَدْ جَاءَ مِنْ هَذَا كَثِيرٌ فِي الأَحَادِيثِ، وَعَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (زَعَمَ جِبْرِيلُ كَذَا). وَقَدْ أَكْثَرَ سِيبَوَيْهِ -وَهُوَ إِمَامُ الْعَرَبِيَّةِ- فِي كِتَابِهِ الَّذِي هُوَ إِمَام كُتُبِ الْعَرَبِيَّةِ مِنْ قَوْلِهِ: (زَعَمَ الْخَلِيلُ, زَعَمَ أَبُو الْخَطَّابِ) يُرِيد بِذَلِكَ الْقَوْلَ الْمُحَقَّقَ. وَقَدْ نَقَلَ ذَلِكَ جَمَاعَاتٌ مِّنْ أَهْل اللُّغَةِ وَغَيْرهمْ, وَنَقَلَهُ أَبُو عُمَرَ الزَّاهِدُ فِي شَرْح الْفَصِيحِ، عَنْ شَيْخِهِ أَبِي الْعَبَّاسِ ثَعْلَبٍ، عَنِ الْعُلَمَاءِ بِاللُّغَةِ مِنَ الْكُوفِيِّينَ وَالْبَصْرِيِّينَ. وَاَللَّه أَعْلَمُ) انتهى.
ـ[فيصل المنصور]ــــــــ[12 - 12 - 2009, 03:54 م]ـ
شكر الله لك.
من تعقيب كنتُ كتبتُه:
(الزعمُ)؛ يُطلَق على القول الذي يروِيه ناقلُه كما بلغَه غيرَ متحمِّلٍ تبعتَه. وهو قولٌ قد يكونُ حقًّا، وقد يكونُ باطلاً. ومما يدل على ذلك قولُ المسيَّب بن علس الشاعر الجاهلي يمدحُ القعقاع بنَ معبدٍ:
ولذلكم زعمت تميمٌ أنه ... أهل السماحة، والندى، والباعِ
ولو كانَ الزَّعمُ لا يكونُ إلا باطلاً، لاستحالَ مديحُه هذا هِجاءً، لأنه جعلَ ما يذكرُه الناسُ من خلاله الصالحات باطلاً.
وقولُ الجُميح الأسديّ يهجو بني عامرٍ:
أنتم بنو المرأة التي زعم النـ ... ناسُ عليها في الغيِّ ما زعموا
ولو كان الزعمُ لا يكون إلا باطلاً، لكانَ هجاؤُه هذا مدحًا؛ إذ جعلَ قذفَ الناس لأمهم باطلاً.
ويزادُ عليه:
أنه ينبغي أن يُّعلمَ أن هذا هو الأصلُ في كلام العربِ، ثمَّ غلب من بعدُ على (الباطل)؛ أي: كثُر استعمالُه فيه، معَ جَواز أنَّ يُّستعمَل في (الحقِّ).
وعِلَّة هذا التطوُّر الدّلالي أنَّه لما كانَ معنَى (الزّعم) في الأصلِ هو حكايةَ القولِ معَ البراءة من تحمُّلِ تبعتِه، أو الحُكْمِ عليه بشيء من الرأيِ، كانَ هذا ممَّا يُشعر في بعض الأحوالِ بالكنايةِ الخفيَّةِ عن فسادِ هذا القولِ في اعتقادِ المتكلِّم؛ وإن لم يَدُلَّ عليه شيءٌ من لفظِه؛ إذْ لو كانَ يعتقِدُ صحَّتَه، لأتَى مكانَه بلفظٍ لا يُفهِم هذا المعنَى، كـ (ذكر)، أو (قالَ).
وإذن، فمَن يستعمِل (الزَّعمَ) وهو لا يريدُ بهِ إلا الباطلَ، ولا يَفهم منه إلا ذلكَ، فإنما يستعمله على جهةِ الكناية. وإلا فالحقيقةُ أنه محتمِلٌ الدلالة على الأمرينِ، الحقِّ، والباطلِ.
ـ[أبو الفضل]ــــــــ[13 - 12 - 2009, 01:18 ص]ـ
بارك الله فيكما
وفي أحد المواضيع التي كتبتها - شيخنا أبا قصي: كنتَ قد قلت زعم فلان فاعترض عليك احد المشاركين من أن كلمة - زعم - ليست من الأدب
فرددتَ عليه بقولك: أن سيبويه يقول عن شيخه: زعم
نسيت أين هذه المشاركة في أي منتدى وهو إما: الالوكة او ملتقى اهل الحديث او منتدانا هذا
مشاركة بلا عنوان لكنها تنبي عن محبة ومتابعة ما تكتب شيخنا أبا قصي
ـ[[جرح]]ــــــــ[13 - 12 - 2009, 03:46 ص]ـ
رائعٌ جداً, سمعت أن هذا في لغة قريش؟
ـ[منصور مهران]ــــــــ[13 - 12 - 2009, 08:32 ص]ـ
وفي أحد المواضيع التي كتبتها - شيخنا أبا قصي: كنتَ قد قلت زعم فلان فاعترض عليك احد المشاركين من أن كلمة - زعم - ليست من الأدب
فرددتَ عليه بقولك: أن سيبويه يقول عن شيخه: زعم
قلت:
نعم، أورد سيبويه هذا (الفعل) في كتابه كثيرا ويعني به إسناد القول إلى قائله وعليه عهدة صحته، وقد قرأت بحثا ماتعا عن حقيقة (زعم) في كتاب سيبويه كتبه الدكتور سعود الخنين ونشره في مجلة جامعة الإمام محمد بن سعود، منذ زمن غير بعيد، ونأمل من الفضلاء الذين يرفعون الكتب على الشبكات أن يرفعوا هذا البحث ليعم نفعه.
وبالله التوفيق.
ـ[أبو مالك النحوي]ــــــــ[29 - 12 - 2009, 03:58 م]ـ
ورد في كتاب الدكتور محمود فجال (ارتكاز الفكر النحوي على الحديث والأثر في كتاب سيبويه) قولُه: ((قد استعمل «سيبويه» كلمة «زعم» بمعنى القول المحقق، وقلَّ من يجرؤ على استعمالها بهذا المعنى، لأن أكثر ما تأتي بمعنى القول المكذوب أو الضعيف، لذا استعملها «المبرد» في القول الضعيف، والقول المشكوك فيه.
أما «سيبويه» فواثق لغويًا بأن «زعم» تستعمل للقول المحقق كثيرًا ووثوقه جاء - بلا شك - من استعمالها في الأحاديث بكثرة بهذا المعنى، فالنبي - صلى الله عليه وسلم - قال: زعم جبريل كذا.
فـ» سيبويه «مقتفٍ أثرَ أفصحِ مَنْ نطقَ بالعربية.
وقال «ثُمامه بن عبد الله»: وزعم أنسٌ.
وقال «ضمام بن ثعلبة» مخاطبًا النبي - صلى الله عليه وسلم -: وزعم رسولُك)).
¥