ـ[صالح العَمْري]ــــــــ[02 - 06 - 2012, 09:08 م]ـ
[هذا الحديث أصله منازعات على هذه المنازعة:
http://www.ahlalloghah.com/showpost.php?p=31060&postcount=24
رأينا إفرادها بهذا الحديث.
المشرف]
البسملة2
وأما قول شيخنا أبي قصي -حفظه الله-:
وأمَّا (المجرَّم)، فلم يرِد بمعنَى (المقطوع) ففيه نظر, ولا أوافقه عليه، وشيخنا أبو قصي رجل عالم باللغة لكني أراه أخطأ في هذا.
قال في اللسان:
"وحول مُجَرَّم: تامّ، وسنة مجَرَّمة: تامَّة.
......
قال الأزهري: وهذا كله من القطع، كأن السنة لما مضت صارت مقطوعة من السنة المستقبَلة."انتهى
فكلام الأزهري هنا صريح في أن المجرَّم -في قولهم: حول مُجَرَّم وشهر مُجَرَّم ويوم مُجَرَّم- معناه المقطوع.
وقال ابن الأنباري في شرح قول لبيد بن ربيعة -رضي الله عنه-:
دمن تَجَرَّمَ بعد عهد أنيسها * حجج خلون حلالها وحرامُها
قال ابن الأنباري: "والحول المُجَرَّم: الذي قطعتَه عنك وأمضيتَه"
فهذا صريح أيضا في أن المُجَرَّمَ معناه المقطوع لقوله: "الذي قطعتَه عنك".
والله أعلم.
ـ[فيصل المنصور]ــــــــ[04 - 06 - 2012, 05:23 م]ـ
باركَ الله فيك يا أبا حيَّان.
وجوابِي على ما ذكرتَ أنا وجدنا العربَ تُسنِد (المجرَّم) إلى (الشهرِ)، و (الحولِ)، وما أشبههما. ورأينَاهم يريدونَ به (التامَّ الكامِلَ العِدَّةِ)، فإذا قالُوا: (مرَّ بنا حولٌ مجرَّمٌ)، فمرادُهم أنَّه مرَّ بهم حولٌ كامِلٌ لم ينقص منه شيءٌ. وذلكَ ليرفَعوا توهُّم التجوُّزِ. وهذا كقولِهم: (حولٌ كرِيتٌ، وقمِيطٌ، ودكيكٌ). كلُّها بمعنًى. وهذا أمرٌ متَّفَق عليه عندَهم.
وأما القولُ بأنَّ (المجرَّمَ) هو المقطوعُ، فباطلٌ، لأنَّ قائلَ ذلكَ إمَّا أن يسلِّم أن قولَهم: (حولٌ مجرَّمٌ) بمعنى (تامّ)، وإمّا أن لا يسلِّم.
فإن سَلَّم بهذا، ولا مزحَلَ عنه، إذْ كانَ من مَّا أطبقُوا عليه، فإنَّه يُرَدُّ عليهِ بأنَّ المقطوعَ لا يؤدِّي معنَى التامِّ، وليس مرادِفًا له. ولو كانَ كما زعمَ، لجازَ أن يقولَ: (مرَّت بي سَنةٌ مقطوعةٌ) يريدُ (تامَّة)، فيُنيبَها مُنابَ (تامّة) كما أنابَ (مُجرَّمة) مُنابَها كذلك.
وإن أبَى أن يسلِّمَ أن قولَهم: (حولٌ مجرَّمٌ) بمعنَى (تامّ)، وقالَ: (هو بمعنى مقطوعٍ، كأنَّه قُطِع من السنة المستقبَلة)، فيُرَدُّ عليه بأن يُلزَم بإجازِة إحلالِ (مقطوعٍ) مُحَلَّ (مُجرَّم). ويُرَدّ عليه أيضًا برداءةِ المعنَى، ألا ترَى أنَّه لا فائِدةَ من قولِك: (مرَّت بي سنة مقطوعةٌ من السنةِ المستقبَلة)، لأنَّ كلَّ سنةٍ مرَّت بكَ فهِي لا تعدَم أن تكونَ كذلك. وهذا أمرٌ بدِيهيّ. وعلى ذلك يكونُ ذكرُه لغوًا، وعبَثًا.
كما يُرَدُّ عليه أيضًا بأنَّ العلماءَ، وأهلَ البصَر بكلامِ العربِ، والتحقُّقِ به قد أجمعُوا على خلافِ ذلك، فذكرُوا أنَّ (الحولَ المجرَّم) هو التامُّ. ولو شئنا أن نستقصيَ أقوالَهم، لطالَ ذلك جِدًّا.
وإذن فماذا أرادَ أبو بكرٍ الأنباريُّ (ت 328 هـ)، وأبو منصورٍ الأزهريُّ (ت 370 هـ) من قولِهما الذي نقلَه أخونا أبو حيَّان؟
الذي أرادَاه أن يبيِّنا الأصلَ الاشتِقاقيَّ لهذا اللفظِ. وذلك اجتهادٌ منهما، وليس شرحًا للمعنَى. ودليلُ ذلكَ أنَّهما متفِقانِ على أن الحولَ المجرَّم هو التامُّ الكامِلُ، قالَ الأنباريُّ في (الزاهر): (ويقالُ: ... حولٌ مجرَّم: إذا كان تامًّا)، وقالَ الأزهريُّ في (التهذيب): (أبو عبيد عن أبي زيد: العامُ المجرَّم: الماضي المكمَّلُ)، ولم يخالفْه في هذا، إلا أنه حاوَلَ بعدَ هذا النَّقلِ أن يَرُدَّ معنَاه إلى أصلٍ قائمٍ لا مريةَ منه، وهو القَطْع، فقالَ: (قلت: وهذا كلُّه من الجَرْم، وهو القَطْع. كأنَّ السنةَ لما مضَت صارت مقطوعةً من السنةِ المستقبلَة).
¥