ـ[فيصل المنصور]ــــــــ[19 - 08 - 2008, 03:25 ص]ـ
البابُ الأول
الذوات
وهي ضربانِ:
الضربُ الأول
ما ليس له رسمٌ ثابتٌ
ويشملُ حرفينِ:
الحرف الأول
الهمزة
قد علمتَ أنَّ حروفَ العربيةِ تسعةٌ وعشرونَ حرفًا - على الصحيح -؛ لكلِّ حرفٍ منها صورةٌ خاصَّةٌ بهِ لا تتغيَّرُ؛ فالعينُ مثلاً صورتُها (ع)، والميم (م). والياءُ صورتُها على التحقيقِ (ي)، لا (ى) كما يَرسمُها بعضُ أهلِ الأقطارِ، لأنَّها إذا كانت تُنقَط في الوصلِ، فالقياسُ نَقطُها في الانفصال أيضًا. ولأنَّ في تركِ نَقطها التباسًا لها بالألف المقصورة، والرسمُ مبنيٌّ على إزالةِ اللَّبسِ.
وذلكَ في ما خلا الهمزةَ، والألفَ؛ فإنَّه ليس لهما صورةٌ ثابتةٌ؛ فأما الألف، فيأتي التفصيلُ فيها. وأما الهمزةُ، فإنها تُكتبُ مرَّةً (أ)، وأخرَى (ؤ)، وثالثةً (ئ)، ورابعةً (ء)؛ فهي كما رأيتَ غالبًا ما تحتاجُ إلى كرسيٍّ تستوي عليهِ. وهذه صِفةُ ضَعفٍ فيها.
ولعلَّكَ تسَّاءَلُ:
ولِمَ كانت ضعيفةً؟
فأقولُ:
ذلكَ أنَّ من العربِ - وهم أهلُ الحجازِ - من يبدلُها غالبًا إلى حرفِ مدٍّ؛ فيقولُ مثلاً: (راس) في (رأس)، و (مُوَن) في (مُؤَن)، و (بير) في (بئْر). فلمَّا ابتدعَ الخليل (175 هـ) صورةً للهمزةَ، وإذْ كانَ المصحفُ مبنيًّا على مذهب أهل الحجاز في التخفيفِ، وضعوها فوقَ ما تُخَفَّفُ إليهِ؛ فـ (مومنون) [بدون نقط] أصبحت (مؤمنون)، ولو رُسِمت على مذهبِ من يُحقّقُ الهمزةَ؛ أي: ينطقُها، لوجَب أن تُرسَم على ألفٍ في كلِّ حالٍ، وتكون صورتُها أبدًا واحدةً، كسائرِ الحروفِ؛ فتصبح (مؤمنون) (مأمنون)؛ ولكنهم اتّبعوا في رسمِ الهمزةِ في المصحفِ مذهبَ التخفيفِ، حتى لا يغيِّروا في رسمِ المصحفِ بعد ما استقرَّ. ثمّ غلبَ هذا في سائرِ خطوطِ الناسِ، لأن رسم المصحف هو الأعرفُ، والأشهرُ؛ فكان لذلكَ أحقَّ بالاتّباعِ. وهذا هو الأصلُ الأولُ من أصولِ الإملاءِ؛ وهو أنَّ الهمزةَ تُرسَمُ بحسبِ ما تئولُ إليهِ إذا خُفِّفتْ. ثمَّ إنَّ المتأخِّرينَ خصّصوا هذا الأصلَ بأصلٍ آخرَ يأتي – إن شاء الله -؛ ولكنهم لم يُحسِنوا تطبيقَه. وعلى هذا ظلّتِ الهمزةُ تُرسَمُ على صُوَرٍ مختلِفةٍ، ولم يخالفْ في ذلك إلا ما حكاه الفرَّاءُ (207 هـ) - كما سيأتي -.
وربَّما تسألُ:
وما فرقُ ما بينَ الهمزةِ، والألفِ؟
فأقول:
هما حرفانِ متباينانِ، لكلِّ واحدٍ منهما مَخرجٌ؛ فأمّا الهمزةُ فمخرجُها كما يَرى علمُ الأصواتِ الحديثُ: الحَنجرةُ، لا أقصَى الحلقِ، وربما سمَّوها (الألفَ اليابسةَ) إذا رُسِمت على ألفٍ. والألفُ مخرجُها من الجوفِ. ثمَّ انبنَى على اختلافِ حقيقتيهما أن اختُصَّ كلٌّ منهما بخصائصَ؛ فالهمزةُ لها رسمها الذي ذكرنا، والألف تُرسَم في الأصلِ (ا)، وربَّما رُسِمت (ى) – كما سنبينه إن شاء الله -، والهمزة تكون في الكلِمِ أصليةً، وزائدةً، ومنقلبة عن أصل، والألفُ لا تكون إلا زائدة، أو منقلبةً عن أصل، ولا تكون أصليةً. والهمزة يمكن تحريكها، والألف لا تكون إلا ساكنةً مفتوحًا ما قبلها؛ ولذلكَ لا تقعُ في أولِ الكلمةِ، لامتناعِ الابتداء بساكنٍ.
وإذا عرفتَ حقيقةَ الهمزةِ، فاعلمْ أنها تقعُ أولَ الكلمة، ووسطَها، وآخرَها؛ مثَلُها مثَلُ سائرِ الحروفِ.
ويأتي إن شاء الله بيانُ ذلكَ في الدرسِ القادمِ.
أبو قصي
ـ[طالب طب]ــــــــ[19 - 08 - 2008, 01:21 م]ـ
جزاكم الله خيرًا ..
وهذا هو الأصلُ الأولُ من أصولِ الإملاءِ؛ وهو أنَّ الهمزةَ تُرسَمُ بحسبِ ما تئولُ إليهِ إذا خُفِّفتْ
أليست كلمة تؤول تُكتب هكذا (تؤول) وليس (تئول) أم أني مخطئ؟
بارك الله فيكم ..
ـ[مساوى العاتي]ــــــــ[19 - 08 - 2008, 08:44 م]ـ
جزاك الله خيرا
ـ[بسمة]ــــــــ[20 - 08 - 2008, 05:58 ص]ـ
بارك الله فيكم
ـ[فيصل المنصور]ــــــــ[23 - 08 - 2008, 02:48 م]ـ
بارك الله فيكم.
أليست كلمة تؤول تُكتب هكذا (تؤول) وليس (تئول) أم أني مخطئ؟
في (تئول) وأمثالها ثلاثة مذاهبَ:
1 - تؤول (على الأصل الذي يقتضيه قاعدةُ الأقوى).
2 - تئول (حُذفت الواو التي هي صورةٌ للهمزة، لاجتماع مثلين؛ واجتماع المثلين مستكرَه).
3 - تؤُل (حُذفت الواو الأخرى. وهذا ضعيفٌ).
أبو قصي
ـ[أبو معاذ باوزير]ــــــــ[28 - 08 - 2008, 07:15 ص]ـ
بارك الله في جهودكم وجعل ماتقدمونه في موازين أعمالكم الصالحة.
ـ[وأرف]ــــــــ[06 - 09 - 2008, 02:53 م]ـ
وهذا هو الأصلُ الأولُ من أصولِ الإملاءِ؛ وهو أنَّ الهمزةَ تُرسَمُ بحسبِ ما تئولُ إليهِ إذا خُفِّفتْ
أي أن الهمزة تكتب كما جاءت مكتوبة في القرآن الكريم، ولو لم نكتب آية قرآنية؟
¥