- والرابع أن الطالب المبتدئ ينبغي أن يأخذ بالحزم في التعلم، فيختار من الطرق الموصلة إلى المراد أقربها وأسلمها من بنيات الطريق. ولا شك أن الاعتماد على السماع والذوق، دون القواعد والأصول، إنما ينفع المنتهي لا المبتدئ. لذلك متى ركن المبتدئ إلى ذلك، وترك قواعد الفن، أوشك أن يتعثر ويتردد، فلا يبلغ المراد.
- والخامس أن الناظم الذي لا يعرف العروض لا يكون قادرا على المنافحة عن شعره إذا تصدى له منتقد وادعى وجود الكسر فيه. فإن قصاراه حينئذ أن يقول: ذوقي وشعوري، فيعارض بنظيره، ويرجع إلى التقعيد والتأصيل. وهذا يقع لكثير من الناس، فإن السمع خوان، خاصة مع فشو العجمة، وأفول نجم الفصاحة والبيان.
2. القدرة على تمييز النظم الصحيح من المكسور، وبيان مواضع الكسر في المكسور منه، مع الدليل والتعليل.
3. تمييز الشعر من غيره مما ليس بشعر، كالنثر المسجوع. ونفعُ مثلِ هذا في تحقيق كتب التراث ظاهر.
4. المساعدة في استحضار الأبيات الشعرية التي طال العهد بها، فإن معرفة الوزن تجعل ألفاظ البيت يتداعى كل واحد منها إلى قرينه حتى يكتمل بناء البيت بهيا رائقا، كما نظمه صاحبه.
5. حفظ الشعر العربي المنقول من التحريف. ومن المعلوم أن الشعر ديوان العرب كما قال ابن عباس رضي الله عنهما؛ وحفظ الشعر وسيلة لحفظ العربية التي هي وعاء الشريعة.
6. معرفة معاني المصطلحات العلمية التي يتداولها العروضيون في كتبهم. وهذه المصطلحات يكثر دورانها في كتب الأدب والشعر، بل توجد في كتب التفسير والحديث والفقه، ويقبح بطالب العلم أن يجهلها.
ذكر واضعه:
يحق لهذه الأمة أن تفتخر بواضع هذا العلم، وهو رجل من عباقرة الدنيا، وأساطين الفكر. إنه الخليل بن أحمد الفراهيدي الأزدي. ولد سنة 100، وتوفي سنة 175 على المشهور.
وقد كان من أئمة الإسلام زهدا وعفة وتمسكا بالدين، والتزاما بالسنة، مع ذكاء خارق، واطلاع واسع.
وهو واضع معجم العين، الذي يعد أول معجم عربي على الإطلاق، وإن كان الخليل لم يتمه ولم يهذبه. كما أنه من أعظم علماء النحو والصرف، وعليه – مع غيره من أئمة النحو - اعتماد سيبويه رحمه الله فيما دبجه يراعه.
نشأة العلم وأشهر ما ألف فيه:
تتابع العلماء بعد الخليل بن أحمد على التأليف في علم العروض. فجمع بعضهم تأليفا مستقلا في هذا الفن، وأدرج آخرون الكلام عليه ضمن كتاب جامع، لفنون مختلفة.
فمن الصنف الأول:
- عروض الأخفش. وقد وجد طرف منه ونشر.
- القسطاس للزمخشري. وهو كتاب مختصر جدا.
- الوافي للتبريزي. وهو كتاب نافع.
- كتاب (شفاء الغليل في علم الخليل) لمحمد بن علي المحلي المتوفى سنة 673. وهو كتاب عظيم الفائدة، مع عدم اشتهاره بين الطلبة. ومن فوائده أنه أطال النفس –في شرح المعاقبة والمراقبة والمكانفة بما لا مزيد عليه.
ومن الكتب المرتبطة بمتون علمية في هذا الفن:
- كتاب الإرشاد الشافي في شرخ متن الكافي، وله مختصر. وفي هذا الكتاب مباحث عروضية دقيقة تروي غلة الصادي.
- كتاب العيون الغامزة على خبايا الرامزة للدماميني، ولم أطلع عليه، لكن يبدو من النقول عنه أنه جليل النفع.
ومن كتب المعاصرين:
- كتاب ميزان الذهب في صناعة شعر العرب للسيد هاشمي.
- كتاب أهدى سبيل إلى علمي الخليل لمحمود مصطفى.
ومن الصنف الثاني:
- كتاب العقد الفريد. ومن فوائده تكثير الشواهد الشعرية.
- كتاب العمدة لابن رشيق القيرواني، فيه فصل خاص بالأوزان.
- كتاب مفتاح العلوم للسكاكي. فقد عقد المؤلف في آخر الكتاب فصلا نافعا في علم العروض.
وكتب العروض كثيرة جدا لا سبيل إلى إحصائها، لكن ما ذكر هنا يغني عن غيره.
والله أعلم.
وصلى الله وسلم على محمد وآله.
ـ[عصام البشير]ــــــــ[03 - 08 - 2008, 09:03 م]ـ
تنبيهان:
الأول: الدرس الأول نظري، فلا مجال فيه للتمرينات والأسئلة التطبيقية، بخلاف ما سيأتي إن شاء الله تعالى.
الثاني: سأحاول وضع الدرس التالي بعد نحو خمسة أيام، وهكذا دواليك، مع التوقف خلال شهر رمضان إن شاء الله تعالى.
ـ[طه المصرى]ــــــــ[03 - 08 - 2008, 09:12 م]ـ
حياك الله أبا محمد، وأحسن إليك.
لكل علم علماء نبغوا فيه، وإذا ذُكِرَ ذُكِرُوا، فتحدث عنهم قبل الحلقة الثانية، خاصة غير المشهورين منهم، مثل:"الخليل، والأخفش".
وفقكم الله.
ـ[محمد محيسن]ــــــــ[03 - 08 - 2008, 10:43 م]ـ
جزاكم الله خيرا.
متابع بإذن الله تعالى.
وكان أول ذلك دورة كتابية مختصرة جدا، في ملتقى أهل الحديث، تنكبت فيها ذكر الاصطلاحات العروضية إلا ما ندر، واكتفيت بالأصول العامة
الرابط بارك الله فيكم.
هل يوجد للخليل كتاب في العروض؟ أم أن هذا العلم انتقل إلى من بعده عن طريق تلاميذه فقط؟.
ولقد سألت هنا سؤالا أرجو إجابته:
http://www.ahlalloghah.com/showpost.php?p=974&postcount=20
ـ[أبو عمر الماردي]ــــــــ[04 - 08 - 2008, 01:47 ص]ـ
جزاكم الله خيرا أبا محمد ..
بانتظار الدرس القادم ..
¥