ـ[عصام البشير]ــــــــ[03 - 08 - 2008, 08:59 م]ـ
البسملة1
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه.
أما بعد:
فهذه دورة علمية كتابية في علمي العروض والقافية، أتمم بها ما شرعتُ فيه من قبل من تيسير لهذا العلم، وبث لقواعده ومصطلحاته بين رواد الشبكة من المبتدئين، والمتوسطين. وكان أول ذلك دورة كتابية مختصرة جدا، في ملتقى أهل الحديث، تنكبت فيها ذكر الاصطلاحات العروضية إلا ما ندر، واكتفيت بالأصول العامة. ثم تلا ذلك سلسلتان صوتيتان لم تكتملا بعد، أولاهما منشورة على موقع طريق الإسلام، وهي غير مقيدة بمتن ولا كتاب، والثانية على موقع شذرات شنقيطية، في شرح متن (مجدد العوافي من رسمي العروض والقوافي).
وسوف أحيط في هذه الدورة – إن شاء الله تعالى – بأغلب مباحث هذا العلم، ولا أغفل منها شيئا ذا بال، مع الحرص على التيسير في الأسلوب - ما أمكن.
تعريف علم العروض:
للعروض في اللغة جملة من المعاني، يهمنا منها تلك التي قيل بأنها سبب اختيار هذا اللفظ لقبا لهذا الفن.
فقد قيل سمي هذا العلم (العروض):
- لأن الشاعر يعرض عليه شعره، ليختبر صحيحه من فاسده.
- أو لأنه ناحية من علوم العربية، والعروض في اللغة الناحية.
- أو لأنه صعب كالعَروض، وهي الناقة شديدة المراس.
- أو لأن واضعه ألهم ذلك بمكة، والعروض هي مكة والمدينة وما حولهما.
والأول أرجح.
وقد اختلفت عبارات العروضيين في تعريف هذا العلم، والمختار في التعريف أن علم العروض: (علم بأصول يعرف بها صحيح أوزان الشعر العربي وفاسدها).
فالأصول هي القواعد الكلية أو الجزئية التي يبنى عليها هذا العلم.
فمن الكلية قاعدة المعاقبة والمراقبة والمكانفة، ومنها أيضا قولنا: (الأصل في العلة أن تلتزم، إلا إن جرت مجرى الزحاف).
ومن الجزئية قولنا مثلا: (المضارع لا يكون إلا مجزوا) و (يلتزم أن يكون الجزء الذي قبل الضرب المحذوف في الطويل مقبوضا).
وذكر الأوزان في التعريف أولى من إغفالها كما فعل بعضهم، فقال: (العلم بأصول يعرف بها صحيح الشعر من فاسده)، ووجه الأولوية أن الصحة والفساد في الشعر قد يكونان باعتبارات أخرى كصحة المعنى وفساده.
ومن التعريف المذكور نعرف موضوع هذا العلم وثمرته.
فموضوعه: أوزان الشعر العربي، كما وضعها الخليل بن أحمد رحمه الله تعالى.
وثمرته: تمييز الأوزان الصحيحة من الفاسدة.
ومسائل هذا العلم منتظمة في الفصول التالية:
- قواعد التقطيع والوزن العروضي.
- المصطلحات التي تلزم معرفتها، لابتناء معرفة الفن على ذلك.
- ألقاب الزحافات والعلل.
- الدوائر العروضية.
- البحور الشعرية. وطريقة بحث كل بحر أن يذكر أصل وزنه بحسب الدائرة، ثم تبين أعاريضه وأضربه، ثم تبسط الزحافات الجائزة فيه.
فضل هذا العلم:
علم العروض من علوم العربية، التي هي من علوم الشرع بالمحل الأسمى. ففضل هذا العلم المخصوص من فضلها. ولذلك فإن من المتعين على طلبة العلم الشرعي أن يلموا بطرف صالح من هذا العلم، يكون لهم ذخرا يستعملونه عند الحاجة إليه. أما شداة الأدب، والمتنافسون في مضمار الشعر، فهذا العلم خدنهم الذي لا يفارق، وأنيسهم الذي لا يمل ثواؤه.
ومن فوائد هذا العلم:
1. القدرة على قرض الشعر. إذ لا يكون الشعر العربي إلا موزونا، ولا سبيل إلى معرفة الأوزان بدقة وإحاطة إلا بمعرفة هذا الفن. ولا يشكل على هذا المعنى، أن بعض الناس ينظمون الشعر بغير معرفة بالعروض، وذلك للأوجه التالية:
- الأول أن هذا استثناء مخالف للأصل، وما كان كذلك فلا يتخذ قاعدة.
- الثاني أن من الناس من يكتب ويتكلم بلغة عربية فصيحة، سالمة من اللحن، مع أن بضاعته في النحو والصرف كالعدم. ولا يوجد قائل بإهمال النحو والصرف لمثل هذا التعليل. فما الفرق؟
- والثالث أن العادة حاكمة بأن الذين ينظمون الشعر مع عدم المعرفة بالعروض، يكون غالب تصرفهم في أوزان محصورة لا يتعدونها إلى غيرها، فيحجرون من الشعر واسعا.
¥