ملتقي اهل اللغه (صفحة 3376)

ـ[(أبو إبراهيم)]ــــــــ[13 - 02 - 2011, 01:17 م]ـ

جَزاكِ اللهُ خيرًا، وأحسنَ اللهُ إليكِ، وباركَ في عِلمِكِ، وزادَكِ اللهُ مِن فَضلِه ..

جوابٌ كافٍ شافٍ والحمدُ لله ..

،،،،،،،،،

أقولُ: وعلى ما سَبقَ لعلَّنا نقولُ في الجوابِ عن أَمثلةِ الكفِّ الوَاردةِ في منظومةِ (المقدِّمةِ):

* (الكفُّ) مِن الزِّحافاتِ غيرِ الجائزةِ في بَحرِ الرَّجَز، فوقوعُه في الرَّجَزِ كسرٌ.

* ولا يَصِحُّ الجوابُ عن ذلك بإِشباعِ الحركةِ تخلُّصًا مِن الكَسرِ؛ لوُجوهٍ:

1ـ أنَّ رُواةَ (الجزريَّةِ) وشُرَّاحَها لم يَذكُروا أنَّ في هذه الأمثلةِ إشباعًا، فالإِشبَاعُ مِن نَاحيَةِ الرِّوايةِ غيرُ ثابتٍ، والثَّابتُ فيهَا الكَسرُ، ويَدلُّ على ذلك كذلك رَسمُ هذه الكلماتِ في النُّسخِ المخطوطةِ.

2ـ أنَّ إشباعَ الحركةِ في مِثلِ هذا قد اختُلِفَ في جَوازِه، ومَن أجازَه جعلَه مِن الضَّروراتِ المستَقبَحةِ ـ بَل قالَ بعضُهم: هو أَقبَحُ الضَّرائرِ في الشِّعرِ ـ وحَكمَ على ما وَردَ مِنه في الشِّعرِ بأنَّه مِن الشَّواذِّ النَّوادِرِ، ولَيس يَنطِقُ به شاعرٌ فصيحٌ.

فإن جازَ لنا أن نقولَ بالإشباعِ في هذه الأمثلةِ كانَ ذلك خروجًا مِن زِحافٍ قبيحٍ إلى ضَرورةٍ مُستقبَحةٍ مُختَلفٍ في جَوازِها، وليس في ذلكَ تَصحيحٌ لِلبَيتِ، بل هو تحوُّلٌ مِن قَبيحٍ إلى قَبيحٍ أقلَّ مِنه، فهو مِن بابِ ارْتِكابِ أخفِّ الضَّررَينِ، ولا يَصِحُّ ذلك معَ وُجودِ طريقٍ لِلسَّلامَةِ مِن الضَّررَينِ.

3ـ فَإِنَّ الأبياتَ السَّابقةَ قد رُوِيَت بصُورٍ أُخرَى ليس فيهَا هَذا الكَسرُ:

ـ فقَولُه: (لِلْجَوفِ أَلِفٌ) رُوِيَ: (فَأَلِفُ الجَوفِ).

ـ وقولُه: (مِن كُلِّ صِفَةٍ) رُوِيَ: (مِن صِفَةٍ).

ـ وقولُه: (تَنزِيلُ شُعرَا) رُوِيَ: (تَنزِيلُ ظُلَّةٍ).

وهكذا بقيَّةُ الأمثلةِ، فحملُها على الرِّوَايةِ الثَّانيَةِ السّالمةِ مِن الكَسرِ أولَى مِن ارْتكابِ الضَّرورَةِ المستَقبَحةِ بِالقَولِ بِالإِشبَاعِ.

* وممَّا يُرجِّحُ ما سبقَ أنَّ غَالِبَ ما وَرَدَ مِن الكفِّ في الأبياتِ هو في الرِّوايةِ الأولى للمُقدِّمةِ، أمَّا الرِّوايةُ الثَّانيةُ فسالمةٌ مِنه، ولعلَّ ابنَ الجزريِّ رحمه الله تعالى تنبَّه إلى الكَسرِ فصحَّحه.

ومِن شُروطِ صِحَّةِ النَّسخِ عِندَ الأُصوليِّينَ مَعرفةُ تأخُّرِ النَّاسخِ، وحيثُ عُلِمَ في كثيرٍ مِن تلكَ الأبياتِ تأخُّرُ الرِّوايةِ الصَّحيحةِ كما نصَّ عليهِ بعضُ تَلامِذَةِ ابنِ الجزريِّ رحمهم الله تعالى ـ مثلَ عبدِ الدَّائمِ الأزهريِّ ـ فإنَّ الرِّوايةَ الثَّانيةَ ناسخةٌ للرِّوايةِ الأُولَى.

واللهُ تعالى أَعلَمُ.

ـ[عائشة]ــــــــ[13 - 02 - 2011, 07:17 م]ـ

أحسنتَ -جزاكَ اللهُ خيرًا، وزادكَ عِلْمًا ونورًا-.

والحمدُ للهِ على توفيقِه وامتنانِهِ.

وهذا استدراكٌ -ليكونَ الكلامُ أَدَقَّ-:

(ونحنُ إذا نَظَرْنَا إلى إشباعِ الحَرَكةِ في الشِّعْرِ؛ وجدناهم يعدُّونَهُ مِنَ الضَّرائرِ المستقبَحةِ؛ وبخاصَّةٍ: إذا أدَّى إلَى ما لَيْسَ أصلاً في كلامِهِم، وإلَى ما يقلُّ في الكلامِ؛ يقولُ حازمٌ القرطاجنيُّ في «منهاج البلغاء»: (وأقبحُ الضَّرائرِ: الزِّيادةُ المؤدِّيةُ لِمَا ليسَ أصلاً في كلامِهِم؛ كقولِهِ: «أدنو فأنظورُ»؛ أي: أنظُر، والزِّيادةُ المؤدِّيةُ لِمَا يقلُّ في الكلامِ؛ كقولِهِ: «طأطأتُ شِيمالي»؛ أي: شِمالي)؛ نقلَ ذلكَ عنه السيوطيُّ في «المزهر 1/ 189». وانظر: «همع الهوامع 5/ 333» -لهُ-) اه.

ولي تعليقٌ يسيرٌ -إذا أذنتَ- علَى قولِكَ -حفظكَ اللهُ-:

(كانَ ذلك خروجًا مِن زِحافٍ قبيحٍ إلى ضَرورةٍ مُستقبَحةٍ)

فإنَّ (الكفَّ) في الرّجزِ ليسَ بزحافٍ قبيحٍ؛ وإنَّما هُوَ زحافٌ مرفوضٌ، غيرُ جائزٍ فيه. أمَّا الزِّحافُ القَبيحُ؛ فهو جائِزٌ، ولا يُؤدِّي إلى كَسْرٍ في الوَزْنِ.

فمِنَ الإشباعِ ما جاءَ للتخلُّصِ من الكَسْرِ؛ نَحْوِ قولِهِ:

* مِن حيثُ ما سَلَكوا أدنو فأنظورُ *

لأنَّه لَوْ قالَ: «فأنظُرُ»؛ لاختلَّ الوَزْنُ.

ومنه ما جاءَ للتخلُّصِ من زحافٍ قبيحٍ؛ نحو قولِ عنترةَ في معلَّقتِه:

* يَنبَاعُ مِن ذِفْرَى غَضوبٍ جَسْرَةٍ *

قالَ ابنُ جنِّي في «الخصائص 3/ 196»: (ألا ترَى أنَّه لو قالَ: «يَنبَعُ مِن ذِفْرَى»؛ لصحَّ الوَزْنُ؛ إلاَّ أنَّ فيه زِحافًا هُوَ الخَزْل)، فالإشباعُ في هذا الموضعِ (إنَّما هُوَ مخافة الزِّحاف الَّذي مثلُهُ جائزٌ) اه.

واللهُ تعالى أعلمُ.

ـ[(أبو إبراهيم)]ــــــــ[14 - 02 - 2011, 05:25 م]ـ

ولي تعليقٌ يسيرٌ -إذا أذنتَ- علَى قولِكَ -حفظكَ اللهُ-:

(كانَ ذلك خروجًا مِن زِحافٍ قبيحٍ إلى ضَرورةٍ مُستقبَحةٍ)

فإنَّ (الكفَّ) في الرّجزِ ليسَ بزحافٍ قبيحٍ؛ وإنَّما هُوَ زحافٌ مرفوضٌ، غيرُ جائزٍ فيه. أمَّا الزِّحافُ القَبيحُ؛ فهو جائِزٌ، ولا يُؤدِّي إلى كَسْرٍ في الوَزْنِ.

جزاك الله خيرا ..

،،،،،،،،،

أما قولي: (كانَ ذلك خروجًا مِن زِحافٍ قبيحٍ إلى ضَرورةٍ مُستقبَحةٍ):

فقد كنت قد كتبت أولا (كان ذلك خروجا من كسر إلى ضرورة مستقبحة) ثم نظرت في قولك ـ بارك الله فيك ـ عن الإشباع: (ويلجأُ إليها الشَّاعِرُ حينَ يحتاجُ إلَى إقامةِ الوَزْنِ، أو إلَى التَّخلُّصِ من زحافٍ قبيحٍ؛) فظننت أن المراد بالزحاف القبيح ما لا يجوز وقوعه مثل (الكف) في بحر الرجز، فاستبدلت عبارتي الأولى بالأخيرة، واستحسنتها لما فيها من المشاكلة اللفظية ..

،،،،،،،،،

وجزاك الله خيرا على الاستدراك والتوضيح ..

ومنكم نتعلم ونستفيد ..

طور بواسطة نورين ميديا © 2015