ملتقي اهل اللغه (صفحة 3277)

وذكروا الطي فير البسيط وشاهده المفصل عندهم على حدود التفاعيل هو:

ارتحلو غدوةً فانطلقوا بَكَرًا ... ... في زمرٍ منهمُ يتبعها زُمَرُ

ولكنهم لم يذكروا الحالة الأكثر أثرا حيث يقترن فيها طي مستفعلن بخبن فاعلن، لأن هذا التفصيل لا يتفق مع ما تتطلبه حدود التفاعيل من وحدة التوصيف. وانظر للبيت:

كلا وباري طوال الهدب والحور ..... ما قل حبيك من بعد ومن غير

كيف يضحي من البسيط (رسميا) كما من الخبب في البيتين التاليين على التوالي:

قلتُ وبارئ طول الهدب النّضُرِ ..... ما قل حبيك من بعد ومن غير

قلتُ وبارئ طول الهدب النّضُرِ ..... حبي باقٍ أبَدأ رغم السفرِ

وهنا يظهر تقدم د. كشك على العروضيين. ولكنه لا زال في حدود العروض. أما البناء على هذه الخطوة باختبار القول إن تتابع أربعة أسباب من خصوصيات الخبب وأنها حيث وجدت ثقيلة ثم دراسة هذا القول في واقع الشعر ككل كما في (مفاعيلُ فعولُ مفا في الطويل) ومن حيث كف (مستفع لن) في الخفيف أو طي (مستفعلن) في الخفيف لمن لا يقول بالوتد المفروق، وأنهما لم يذكرا في الشعر – كما في مقاربة د. مصطفى حركات التي وردت في حدود الخفيف - ثم محاولة التقعيد لذلك في البحور ككل مع ذكر الحالات التي تستثنى من هذه الظاهرة كما في (فعول مفاعيلن 3 1 3 2 2) في آخر عجز أول الطويل، فإن ذلك يشكل انتقالا من منتهى العروض إلى بداية علم العروض.

ويطول الحديث لو رحنا نستقصي كل حالة على حدة. ولكن خلاصة الأمر أن:

العروض هو الإحساس بنظام الوزن الذي قد يدرك بالفطرة أو التعلم الذي يشمل القدرة على توصيفه، وعلم العروض هو منهج البحث المفضي إلى نظريات وقواعد ضابطة.

أين يقع العروض الرقمي؟

بدأت العروض الرقمي وكان جله في البداية في العروض وتدريجيا ومع اكتشاف شموليته وتحوله إلى تواصل أو محاولة للتواصل مع شمولية فكر الخليل أخذ يتجاوز العروض إلى علم العروض. بل لقد خطى بعلم العروض خطوات في آفاق جديدة تتعدى الشعر ووزنه.

ماذا تمثل الدورات الثماني؟

الدورات الثماني تزيد عن حاجة الشاعر، وهي تكفي العروضي.

لكنها بداية الطريق لعالِم العروض، والمواضيع التي تلت الدورات أو جرت في الدورات إشارة عابرة لها هي سبيل العروضي في توجهه ليكون عالم عروض.

بدأنا بالعروض كمرحلة أولى ثم انتهينا بعلم العروض، فهل هذه نهاية المطاف؟

كلا فإننا إن حملنا علم العروض إلى مجالات أخرى تتخطى الشعر فإننا نرتقي به إلى (الشمولية العظمى) اللائقة بفكر الخليل وعبقريته كما في بعض الأبواب مثل

العمارة والعروض – الموسيقى والعروض – الآثار والعروض – م/ع وهي من بين ما وردت الإشارة إليه في الرابط:

http://sites.google.com/site/alarood/r3/Home/lematha (http://sites.google.com/site/alarood/r3/Home/lematha)

تكرر ذكر الشمولية في الرقمي وهي صفة ملازمة لكل علم في إطار ذلك العلم، تستوي في ذلك العلوم المادية والإنسانية فإذا ما احتوت هذه النظراتِ الشاملةَ المتعددةَ نظرةٌ شمولية أعظم، لم يكن جماع ذلك إلا توحيد الخالق عز وجل. ومن هنا قال الشاعر:

وفي كل شيء له حكمةٌ ... ... ... ... تدل على أنه الواحد

وإنما كان ذلك بربط هذه الجزئية بالكل الذي يشملها وما يوصل إليه ذلك من استدلال على حكمة الخالق عز وجل.

الشمولية المطلقة (أساس الأسس) هي البدء بالتوحيد توحيد الله سبحانه وتعالى والانطلاق منه إلى سواه. وفي قصة سيدنا إبراهيم عليه السلام معتبر لأولي الألباب.

ما أحوج الإنسان إلى هذه الرؤية في الأمور كلها ولا يتسع المجال هنا لذكر المجالات الحيوية والمصيرية التي يضل فيها الأفراد وتضل فيها الجماعات جراء طغيان الجزئيات على الكليات، فكم طمست كلية بكلمة حق استغلت في تضخيم جزئية، فقادت إلى باطل. ومن نافلة القول أن هذا القصد لا يرد في مجال العروض ولكنها تداعيات الشمولية الفكرية، والفكر لا يكون إلا شاملا.

منهج الفكر يقترن بالشمولية والتجريد

ومنهج الحفظ يقترن بالتجزيء والتجسيد.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015