ملتقي اهل اللغه (صفحة 3140)

" في حكاية شِعرنا الحديث يحدث أن يُدلي بعض مانحي الجنسيَّة الشِّعريَّة للنثر بأدلَّةٍ على دعواهم من خارج طبيعة اللغة، ليقيسوا فنونها بالفنون الأخرى البَصَريّة وغير البَصَريّة. وهم بذلك يغادرون ساحة النقاش أصلًا، ليسبحوا في أفلاك أخرى، لا ليجرِّدوا الشِّعر من الشِّعر فحسب، بل ليجرِّدوا اللغة من طبيعتها كذلك، حينما ينفون أهميَّة المكوِّن الصوتيّ في شِعريَّة البناء الشِّعري! وعندئذٍ، ماذا نفعل؟ «ما على أبي حنيفة في أن يمدّ رجليه ملام»! فقد برح الخفاء، وبدا أن الشِّعر (المذكور) لم يعد حتى من جنس اللغة العربيَّة،"

وكل ذلك في محاولة جادة لتوليد جديد للشاعرية الموؤودة في تلك النظرية التربوية على يد شيخنا الخليل بن أحمد عفا الله عنا وعنه .. !

ما أظنك تعني هنا إلا الإمام أدونيس قدس الله سره فهو المولد الجديد للشاعرية الموؤودة

ونفع الأمة ببركته وشفعه في الخليل الذي وأد تلك الشاعرية. كيف لا ومن أقواله:

1 - الله والأنبياء والفضيلة والآخرة ألفاظاً رتبتها الأجيال الغابرة وهي قائمة بقوة الاستمرار لا بقوة الحقيقة ... والتمسك بهذه التقاليد موت والمتمسكون بها أموات .... وعلى كل من يريد التحرر منها أن يتحول إلى حفار قبور ... لكي يدفن أولاً هذه التقاليد، كمقدمة ضرورية لتحرره

2 - من أقواله دعوته إلى الإلحاد: هذا غزال التاريخ يفتح أحشائي، نهر العبيد يهدر ... لم يبق نبي إلاّ تصعلك ... لم يبق إله ... هاتوا فؤوسكم نحمل الله كشيخ يموت ... نفتح للشمس طريقاً غير المآذن ... للطفل كتاباً غير الملائكة ... للحالم عيناً غير المدينة والكوفة هاتوا فؤوسكم

3 - الأخلاق التقليدية هي التي تعيش الخوف من الله، وتنبع من هذا الخوف، الأخلاق التي يدعو إليها جبران هي التي تعيش موت الله

4 - في ختام كتاب " الثابت والمتحول " أقر أدونيس صراحة بتأييده وامتداحه "للرازي" الملحد جاحد النبوات، حيث يقول: لقد نقد الرازي النبوة والوحي وأبطلهما ... وكان في ذلك متقدماً جداً على نقد النصوص الدينية في أوروبا في القرن السابع عشر ... أن موقفه العقلي نفي للتدين الإيماني ... ودعوة إلى إلحاد يقيم الطبيعة والمحسوس مقام الغيب، ويرى في تأملهما ودراستهما الشروط الأول للمعرفة، وحلول الطبيعة محل الوحي جعل العالم مفتوحاً أمام العقل: فإذا كان للوحي بداية ونهاية فليس للطبيعة بداية ونهاية، إنها إذن خارج الماضي والحاضر: إنها المستقبل أبداً. لقد مهد الرازي وابن الراوندي للتحرر من الانغلاقية الدينية، ففي مجتمع تأسس على الدين، باسم الدين، كالمجتمع العربي، لابد أن يبدأ النقد فيه بنقد الدين ذاته

5. من أقواله الخبيثة تصريحه بأنه يكره جميع الناس وبأنه يكره الله تعالى:

يقول في أعماله الشعرية الكاملة: أكره الناس كلهم أكره الله والحياة أي شيء يخافه من تخطاهم ومات

6. كما يساوي أدونيس بين الله تعالى والشيطان ويشبه الله تعالى بالجدار:

حيث يقول في أعماله الشعرية الكاملة:

من أنت من تختار يا مهيار

أنى اتجهت الله أو هاوية الشيطان

هاوية تذهب أو هاوية تجيء

والعالم اختيار لا الله اختار ولا الشيطان

كلاهما جدار كلاهما يغلق لي عيني

هل أبدل الجدار بالجدار

يا لروعة التوليد الجديد للشاعرية الموؤودة التي طرقت باب الشعر بنظرية فنية لا تربوية .. ؟ فسرت التأويلات الحلمية. أخيرا على يد الشيخ أدونيس الذي انجاب عن نظره الحجاب. مثالا على النظرية العروضية الجديدة المنبعثة التي تجاوزت تقصير الخليل بإيقاعيها الداخلي والخارجي.

أعرفتم كيف أن القصد كان تقبيح الجميل لدى الأمة في سياق هدم ثوابتها العقدية أولا وقبل كل شيء. وهم في ذاك منسجمون مع أنفسهم فيما يخص الخليل فإن من درس العروض الرقمي يستشعر معنى أن فكر الخليل في شموليته هو نتاج تحرير الإسلام للفكر العربي فكان هذا الاستهداف المزدوج.

شنشة نعرفها من أخزم.

ـ[منصور مهران]ــــــــ[05 - 07 - 2013, 09:22 ص]ـ

هذا هو الوعي المفقود بحث عنه الأستاذ الفاضل خشان خشان حتى تعَرّف خيوطَهُ وأخذ ينسج منها دِرْعا ونحن جميعا في حاجةٍ إلى نسجه هذا.

لقد كان أستاذنا الجليل محمود محمد شاكر - رحمه الله - ينبه الأمة في كل كلمة خطتها يمينه أو نطق بها لسانه ليوقظ الوعي النائم وللكشف عن الوعي المفقود،

وكان يقول: لا تجعلوني المكتشف الوحيد ففي ماضي هذه الأمة مَن هم أهدى مني وأعقل وسيأتي إن شاء الله مَن يبني لَبِنَة جديدة تسدد خللا جديدا فاقرأوا وعُوا ما يقوله عقلاؤكم ليستقيم فكر الأمة ويحيا متجددا إلى ما شاء الله (من كلمته إلى تلامذته وروّاد مجلسه في مناسبة صدور الطبعة الثانية لكتاب المتنبي)

ـ[خشان خشان]ــــــــ[05 - 07 - 2013, 01:05 م]ـ

هذا هو الوعي المفقود بحث عنه الأستاذ الفاضل خشان خشان حتى تعَرّف خيوطَهُ وأخذ ينسج منها دِرْعا ونحن جميعا في حاجةٍ إلى نسجه هذا.

لقد كان أستاذنا الجليل محمود محمد شاكر - رحمه الله - ينبه الأمة في كل كلمة خطتها يمينه أو نطق بها لسانه ليوقظ الوعي النائم وللكشف عن الوعي المفقود،

وكان يقول: لا تجعلوني المكتشف الوحيد ففي ماضي هذه الأمة مَن هم أهدى مني وأعقل وسيأتي إن شاء الله مَن يبني لَبِنَة جديدة تسدد خللا جديدا فاقرأوا وعُوا ما يقوله عقلاؤكم ليستقيم فكر الأمة ويحيا متجددا إلى ما شاء الله (من كلمته إلى تلامذته وروّاد مجلسه في مناسبة صدور الطبعة الثانية لكتاب المتنبي)

أخي وأستاذي الكريم

أسعدك الله في الدارين

قولك هذا من أحب ما قرأت إلى نفسي.

يرحم الله ابن أمّته أستاذ الجميع محمود محمد شاكر.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015