ـ[خشان خشان]ــــــــ[12 - 01 - 2014, 06:26 ص]ـ
تكرم الدكتور محمد جمال صقر بإرسال النص في ملف وورد. فجزاه الله خيرا.
أتمنى أن يكون الموضوع عونا لكل من يريد أن يعبر من العروض إلى علم العروض
https://sites.google.com/site/alarood/_/rsrc/1389434135617/r3/Home/manhaj-saqr/khittah1.jpg
مَنْهَجُ الْبَحْثِ الْعِلْمِيِّ
للدكتور محمد جمال صقر
1434=2013
"خطة الدكتور صقر"
دُعِيتُ في 24/ 4/2001 إلى المحاضرة في منهج البحث العلمي، فخططت هذه الخطة المصورة الملحقة، وقدمتها بين يدي محاضرتي بكلية الآداب من جامعة السلطان قابوس. ثم كُلِّفْتُ بعد ثلاث سنوات تدريس ما يسمى في دبلوم دار العلوم "قاعة بحث 1"، فلجأت إلى خطتي القديمة، وصورتها للطلاب، ثم جعلتها محور المقرر، أبدأ لهم منها، وأنتهي إليها، وأدور عليها.
وقد كُلِّفْتُ ذلك التكليف ثلاث مرات؛ فتيسر لي أن أستفيد من تكرار النظر في تلك الخطة ومن نظر ثلاث فرق من تلامذتي النجباء الذين اتخذوها حَنانًا يَأْوُون إليه، ما لا غنى عنه بالباحثين المبتدئين في علوم الثقافة العربية الإسلامية، ولاسيما علوم اللغة العربية.
وعلى رغم شَكْلِي كلَّ حرف تَنبيهًا على وجه كل كلمة ووجاهتها، تركتُ العبارة الأولى غير مشكولة "خطة الدكتور صقر"، تَمسُّكًا بدلالة "خُطَّة" المضمومة الخاء على التخطيط المعنوي، ودلالة "خِطَّة" المكسورتها على التخطيط المادي، ودلالة "خَطَّة" المفتوحتها على عدد ما يكون ويتوالى من التخطيطات المعنوية والمادية.
?
"تَكُونُ بِالتَّقْلِيدِ وَتُسْتَوْعَبُ بِالتَّعَلُّمِ"
لمنهج البحث العلمي أصولٌ وفروع وعلامات تُعْرَض وتنقد في أثناء تعليمه حتى تُستوعبَ؛ إذ تمتزج هي ومُستوعِبُها؛ فلا يَرَى إلا بها، ولا يَصدُرُ إلا عنها، ولا يَحتكِم إلا إليها.
وأَلْطَفُ ما في علمها أنه يشترك فيه المعلمُ والمتعلمُ كلاهما؛ فكما يستفيد المتعلمُ علمَ ما لم يعلم، يستفيد المعلمُ إحكامَ ما يعلم وضبطَ بعضه ببعض وتحسينَه، حتى ربما حَمَلَ نفسه على تعليمها حتى يتعلمها به.
ولا ريب في أن الاطلاع على الأبحاث السابقة وتحصيل ما فعل بها أصحابها، وَسيلةٌ مجرَّبة ناجحة إلى إنجاز مثلها على جهة التقليد، على ما فيها من اختلاف المطَّلعين بين مَنْ حَظِيَ بأبحاث الكبار فكَبُرَ بها تقليده، ومن ابتُلِيَ بأبحاث الصغار فصَغُرَ بها تقليده!
وليس الاستيعابُ كالتقليد؛ فإن المقلِّد أَسيرُ المقلَّد محدود به منسوب إليه، فأما المستوعب فَحُرٌّ طَليقٌ مُمتلئٌ بنفسه جَريءٌ مُبادرٌ مُغامرٌ مُجددٌ مُبتكرٌ.
?
"أُصُولٌ وَفُرُوعٌ وَعَلَامَاتٌ مَحْسُوبَةٌ"
ما أكثرَ أعمالَ البحث العلمي المنهجية وما أهمَّها! ولكنها على رغم هذا وفي أثنائه، مُتفاوِتةُ الأهمية على ثلاثة أنواع: أُصولٌ تَأْسيسيَّةٌ، ففُروع تَكْميليَّةٌ، فعَلاماتٌ تَنْبيهيَّةٌ.
وليس أدلَّ على منزلة بعضها من بعض من تمثيلها بمثال الطريق الذي تَظهَرُ به الخطةُ في صورتها الملحقة؛ فإن الأصول المرادة هنا بمنزلة الميدان المستولي على الطريق، وإن الفروع بمنزلة الشارع المتفرع من الميدان، وإن العلامات بمنزلة اللافتات المنصوبة على جانب الشارع!
وإذا كرهنا من الرائد المُسافِر بنا أن يجهل اللافتات ذَمَمْناهُ بجهل الشارع، وأَبَيْنَا عليه أن يجهل الميدان، فإن فعلَ اطَّرَحْناه عنا إلى غيره؛ إذ قد كَذَبَنَا والرائدُ، لا يَكْذِبُ أهلَه.
?
"مَنْهَجُ الْبَحْثِ الْعِلْمِيِّ الصَّحِيحِ لَا الرَّائِعِ"
ما أَصْرَحَ دلالةَ المنهج على الطريق وقد خَطَّطَتْهُ الخطةُ المُلْحَقَةُ، فأما أن يكون طريق بحث والبحث حفر فلا يخلو من تنبيه على أنه كُلَّما كان أعمق كان أَوْصَلَ وأَنْجَحَ؛ فليس المقام لجمع المعلومات، فما جمعُها إلا معرفةٌ غيرُ منتجة، بل لِتَنْسِيقها وتصنيفها وتنظيمها والاستنباط منها، وهذا هو العلم المنتج.
والبحث المطروح هنا هو البحث العلمي الصحيح المجرَّب الناجح، الذي تَواتَرَ عليه الباحثون وأيدته تجاربهم، حتى استطاعوا أن يُميِّزوه ويَضْبِطوه ويُعلِّموه.
¥